“إن الرجل حين يقاتل من حوله إ نما يقاتلهم بالمئات و الآلوف.. و قد كان المئات و الآلوف الذين دخلوا فى الدين يتعرضون لسيوف المشركين ولا يعرضون احدا لسيوفهم، وكانوا يلقون عنتا ولا يصيبون احدا بعنت، و كانوا يخرجون من ديارهم لياذا بأنفسهم و أبنائهم من كيد الكائدين، ونقمة الناقمين، و لا يخرجون أحدا من داره.فهم لم يسلموا بحد السيف خوفا من النبى الأعزل المفرد بين قومه الغاضبين عليه، بل أسلموا على الرغم من سيوف المشركين ووعيد الأقوياء المتحكمين.. و لما تكاثروا وتناصروا حملوا السيف ليدفعوا الأذى ويبطلوا الارهاب و الوعيد، ولم يبدأوا واحدا بعدوان أو يستطيلوا على الناس يالسلطان.”
“وما من شئ غير الغرض الأعوج يذهل صاحبه عن هذه الأسباب الطبيعية البينة ، ثم يخيل اليه ان الدعوة الاسلامية كانت فضولاً غير مطلوب في هذه الدنيا ، وان نجاحها مصطنع لا سبب له غير الوعيد والوعود او غير الإرهاب بالسيف والإغراء بلذات النعيم ومتعة الخمر والحور العين .أي ارهاب وأي سيف ؟ ..إن الرجل حين يقاتل من حوله إنما يقاتلهم بالمئات والألوف وقد كان المئات والألوف الذين دخلوا في الدين الجديد يتعرضون لسيوف المشركين ولا يعرضون أحداً لسيوفهم ، وكانوا يلقون عنتاً ولا يصيبون أحداً بعنت ، وكانوا يخرجون من ديارهم لياذاً بأنفسهم وأبنائهم من كيد الكائدين ونقمة الناقمين ولا يخرجون أحداً من داره .فهم لم يسلموا على حد السيف خوفا من النبي الأعزل المفرد بين قومه الغاضبين عليه ، بل أسلموا على الرغم من سيوف المشركين ووعيد الأقوياء المتحكمين .. ولما تكاثروا وتناصروا حملوا السيف ليدفعوا الأذى ويبطلوا الإرهاب والوعيد ، ولم يحملوه ليبدأوا واحداً بعدوان أو يستطيلوا على الناس بالسلطان . فلم تكن حرب من الحروب النبوية كلها حرب هجوم ، ولم تكن كلها الا حروب دفاع وإمتناع .اما الإغراء بلذات النعيم ومتعة الخمر والحور العين .. فلو كان هو باعثاً للإيمان ، لكان أحرى الناس أن يستجيب إلى الدعوة المحمدية هم فسقة المشركين وفجرتهم و أصحاب الترف والثروة فيهم ، ولكان طغاة قريش هم أسبق الناس الى استدامة الحياة واستبقاء النعمة ، فإن حياة النعيم بعد الموت محببة الى المنعمين تحبيبها الى المحرومين ، بل لعلها اشهى الى الأولين وأدنى ولعلهم احرص عليها وأحنى لأن الحرمان بعد التذوق والإستمراء أصعب من حرمان من لم يذق ولم يتغير عليه حال .*”
“لم يجلب النبي أحدا لدينه بالسيف يوما، و لم يرغم أحدا على السير معه، كما لم يرغم احدا على البقاء معه .. كان النبي يفضل أن يمشي وحيدا بالله، خيرا من أن يمشي بجيش لمعاوية عائدا بجيش من الجواري ..إذ أن ما أوحى به النبي لتحرير الناس، عاد إستعبادا لهم بعد حين .. و ما أرسل لأجله من رسائل إلى قيصر و كسرى في ترك إستعباد الناس، زاد عليه متبعيه ..”
“إنني أشد الناس رثاء للكتاب و الشعراء و الأدباء و أصحاب الفن الجميل عامة .. فحظوظهم سيئة في حياتهم وقلما ينصفهم التاريخ بعد مماتهم فهم يثيرون في نفوس الأحياء أنواعا من الحقد و ضروبا من الضغينة .. هذا ينفس عليهم لأنه لم يوفق إلى حظهم من الإجادة و لم يظفر بمثل ما ظفروا به من إعجاب الناس و كان خليقا أو كان يجد في نفسه خليقا بالإجادة و الإعجاب . و هذا يتنكر لهم لأن الحسد قد ركب في طبعه و لأن غريزته قد فطرت على الشر و حب الأذى . و هذا يتنقصهم لأنه لم يفهمهم أو لم يذقهم و لأن فنهم لم يقع من قلبه موقع الرضىو لم ينزل من نفسه منزل الموافقة.”
“فإذا أخطأ من يقحم القرآن فى تأييد النظرية العلمية قبل حدوثها, فمثله فى الخطأ من يقحم القرآن فى تحريمها و هى بين الظن و الرجحان, و بين الأخذ و الرد , فى انتظار البرهان الحاسم من بينات العقل أو مشاهدات العيان .و قد أخطأ هذا الخطأ جهلاء الدين و العلم الذين حرموا القول بدوران الأرض , و هو أثبت من وجودهم على ظهرها , و أخطأ مثلهم من حرموا القول بجراثيم الوباء و هى- فيما تبين بعد-إحدى حقائق العيان”
“(و يدرأون بالحسنة السيئة)..و هذا هو الصبر كذلك. و هو أشد مؤنة من مجرد الصبر على الإيذاء و السخرية. إنه الاستعلاء على كبرياء النفس، و رغبتها في دفع السخرية، و رد الأذى، و الشفاء من الغيظ، و البرد بالانتقام!ثم درجة أخرى بعد ذلك كله. درجة السماحة الراضية. التي ترد القبيح بالجميل و تقابل الجاهل الساخر بالطمأنينة و الهدوء و بالرحمة و الإحسان؛ و هو أفق من العظمة لا يبلغه إلا المؤمنون الذين يعاملون الله فيرضاهم و يرضونه، فيلقون ما يلقون من الناس راضين مطمئنين.”