“خلال القرن الماضي تقاسم الأرض جنوب يتظلم و شمال يتذمر. واقتنع البعض بأن هذه الظاهرة واقع ثقافي أو استراتيجي عادي. ولكن الحقد لا يبقى إلى الأبد واقعا عاديا. ففي يوم من الأيام و بذريعة ما ينفجر هذا الحقد و نكتشف أن لا شيء منذ مائة عام. ألف عام. ألفي عام قد نسي. لا الصفعة ولا الرعب. فعندما يتعلق الأمر بالحقد تخترق الذاكرة وتقتات من كل شيء، وحتى من الحب في بعض الأحيان .”
“ كتبت آنا منذ مائة عام: لا أجد مفراً من الاقتناع باننا نعيش في عصر فظيع الوحشية- و نحن لا نملك إلا- تدخل امل التغير الطفيف- الانتظار إلى أن يدور التاريخ دورته”
“لا شيء يبقى في الوجود ثابتاً . كل شيء يغور و يضمحل , و يتلاشى , و يغدو أثراً باهتاً في ذاكرتنا التي لا تنجو - ايضاً - من التشقق و الصدأ .”
“هل يمكن يا حبيبتي أن يقتلني هؤلاء العرب إذا عرفوا في يوم من الأيام أنني لا أحب إلا الشعر و الموسيقى ، و لا أتأمل إلا القمر و الغيوم الهاربة في كل اتجاه .أو أنني كلما استمعت إلى السيمفونية التاسعة لبتهوفن أخرج حافيا إلى الطرقات و أعانق المارة و دموع الفرح تفيض من عيني.أو أنني كلما قرأت " المركب السكران" لرامبو ، اندفع لألقي بكل ما على مائدتي من طعام ، و ما في خزانتي من ثياب ، و ما في جيوبي من نقود و أوراق ثبوتية من النافذة .نعم فكل شيء ممكن و محتمل و متوقع من المحيط إلى الخليج”
“على أن المشهور، في الإجماع: أنه حجة قطعية، بحيث يكفَّر مخالفُه أو يُضلّل أو يُبدَّع، و إن كان إطلاق القول بهذا الأسلوب المتشدد يخالف روح الإسلام السمح في معالجة القضايا بوجه عام، و إلى ذلك انتبه إمام الحرمين حين قال: (فشا في لسان الفقهاء أن خارق الإجماع يكفّر، و هو باطل قطعاً، فإن منكر أصل الإجماع لا يكفّر، و القول بالتكفير و التبرّي ليس بالهيّن). و نحن نأخذ بهذا الرأي السديد، و إن كنا لا نغُضّ، و لا نريد قطّ أن نغضّ من قيمة الإجماع بين مصادر التشريع في الإسلام.و لقد صدق الشافعية حين لاحظوا بوجه عام أن الإجماع صيغة تعليمية حية تقدمية، و لقد أحسن المصلحون المعاصرون صنعاً حين نظروا هذه النظرة نفسها إلى الإجماع. و لئن كان المجمعون - في أي عصر من العصور - يمثلّلون شعْب المؤمنين، فإنهم - من غير أن ينطلقوا من كونهم هيئةً كهنوتية منظمة - إنما يمثلون شرع الله، و لا حاجة بهم و لا لغيرهم، و لا يحقّ لهم و لا لغيرهم - أن يمثّلوا الله ذاته، تعالى الله و تقدّس عن كل تمثيل!”
“قرطبة , غرناطة , إشبيلية .. آه , أسماء عربية صمدت رغم رحيلنا القديم أيها الأمير " . وتضخم صوت رماح كأنه يخاطب حاكماً لا أميراً . دمدم الرجلان تحسراً . وفاتهما أن تلك الأسماء جميعها قوطية منذ أكثر من ألفي عام , و لا علاقة للعرب بها أصلاً . لكن ما يجعلها عربية في نظرهما أنها لا تزال تتردد في كل شارع عربي”