“عندما تصير (اللذة) مبدءاً أساسياً في الحياة، وعندما تفسر كل الدوافع، وكل الحوافز، وكل الأفعال، بناء على اللذة والمتعة الحسية بالتحديد.. فالأمر يخرج عن الطبيعي.. إلى ما هو (غير طبيعي)..وعندما يتحول الأمر من الأفراد (المتفلتين) من عقال سيطرتهم على شهواتهم، ليصير سلوكاً اجتماعياً محبباً ونمطاً من الحياة يلاقي الترويج والتشجيع، فإن الأمر مختلف.. كل الحضارات، على اختلاف هوياتها ومنظومات قيمها، تواجه انهياراً أخلاقياً في أواخر أيامها، تعاني من التفسخ والفساد والترف كونه جزءاً من دورة حياتها الحضارية (...) لكن الفرق بين ما نراه اليوم في الفردوس المستعار، وما كان ظاهرة عامة هو أن التحلل الأخلاقي كان مصاحباً لانهيار الحضارات، أي أنه كان عرضاً متأخراً لسرطان مدمر في مراحله المتقدمة.أما في حضارة الفردوس المستعار، فالتحلل لا علاقة له بانهيار الحضارة، إنه جزء من الحضارة نفسها بالمفهوم الأمريكي، إنه نوع من نمط الحياة. (...)هذه المرة، هذا التحلل هو هدف مستقل بحد ذاته، إنه ليس ناتجاً ثانوياً، بل هو شعار الحياة نفسها: المتعة واللذة، والاستمتاع بالحواس وإرضاؤها إلى أقصى حد متخيل .. الآن وهنا ..”
“إنه عالم جديد فعلاً, لكنه ليس حلماً من أحلام الحالمين ولا وهماً من أوهام الواهمين ..إنه عالم جديد "ممكن" وهو ممكن بالذات لأنك يمكن أن تبنيه .. أن تساهم في صنعه وتشييده .. وأنت بما تملكه من كتاب أحق من غيرك بالمناداة به .. إنه ممكن .. لو آمنت بنفسك, وبدورك, لو آمنت أن دورك في هذا العالم أبعد ما يكون عن تلك القصة الصغيرة التي زججت بنفسك فيها, بل هو جزء من قصة كبيرة هي محور الخلق كله ..إنه عالم جديد "ممكن" .. لكنه مشروط بقبولك لدورك في الحياة ..”
“الدعاء، في جوهره، هو أكبر وأعمق من مجرد أن يكون عندك طلبٌ ما، منه عز وجل..الدعاء في جوهره، هو أن عندك قضية. لديك دعوة ما. لديك هدف. لديك ما يملأ عليك حياتك لدرجة أنك تطلب منه عز وجل أن يعينك فيها..وهي ليست أي قضية.. إنها ليست قضية فحسب..بل هي قضية خير حصراً..إنها الانحياز إلى جانب محدد في الصراع الدائر في هذا العالم.. بل إن الأمر حتى أكبر من ذلك..إنه أن تكون أنت حامل هذه الدعوة، حامل هذه القضية، أنت المنادي بها..وهي قضية خير دايم، لا انفكاك عن الخير فيها..تعبر عنها من خلال "الصلاة"..لعله من نافلة القول هنا، أن إقامة الصلاة، بهذا المعنى، ستعني إقامة الخير، إنجازه وتحقيقه على هذه الأرض..والإقامة هنا، تعني تحقيق تلك الدعوة، تحويلها من "دعاء" إلى واقع..”
“صلاة الجماعة تضاعف من قوّتك، تجعلك تستمد طاقتك الروحية من الجمع الذي يصلي معك، وكل فرد يصلي في الصف هو مثلك، من دون الصف لا يساوي شيئًا، ولا يحسب ربما إلا كصفر على الشمال، لكن انتظامه في الصف، انتماءه للجماعة، هو الذي يجعله يمينًا، أقصى اليمين هو الذي يجعل له وزنًا.”
“كرس هذا الأمر مبدعون حقيقيون، أنتجوا إبداعا لا شك في أصالته، لكن حياتهم كانت مثالا للتفلت من كل منظومة قيمية و أخلاقية، طبعا كان هناك مبدعون لم يكن في حياتهم شيء كهذا، على الأقل ليس هناك فضيحة مدوية، لكن الصورة التي رسخت عن الإبداع و المبدعين، هي الصورة المتفلتة، كما لو أن التفلت هو صنو الإبداع، و ساعد ذلك على الترويج للتفلت عند فئة تتمنى أن تكون مبدعة، أو تدعي أنها كذل، لذلك نراهم يتفلتون من كل شيء، من المظاهر (في أبسط تفاصيل النظافة أحيانا) إلى الجوهر، الذي يجعل حياتهم عارية من كل التزام شخصي أو عائلي أو اجتماعي، و كل ذلك تحت شعار الإبداع، و لأن الإبداع عملية أعقد بكثير من ترهات سطحية كهذه، فهم لا ينتجون حقا إلا سخافات، لا يراها إبداعا إلا نقاد على شاكلتهم.. و هذا لا ينفي أبدا وجود مبدعين حقيقيين متفلتين.. لكن الصورة النمطية للمبدع المتفلت عممت هذا الأمر، و جعلتهما يتماهيان بطريقة غير مقبولة..”
“في المجتمعات ذات المساجد العامرة بالمصلين: هناك التأخر في كل شيء, من قمامة الشوراع, إلى وضع عام هو كالقمامة في حقيقته.. هناك كل ماهو مرفوض في ديننا, بل كل مايراه ديننا كبيرة من الكبائر.. مجتمعاتنا تزخر بكل الآثام والفواحش; ما ظهر منها وما بطن.. بالإضافة إلى عدد كبير من المصلين”
“من كل الأصوات في العالم فإن صوت بكاء رجل يظل هو الأكثر قدرة على الإجفال والتأثير”