“لماذا يسلط عينيه على،لماذا يجعل كل لحظاتى الشاردة تتجمع رغما عنى، وداعات و آمال ضائعة وأحلام كلها مطفأة، كأن فى بريق هاتين العينين شىء من بقايا الكون، آخر النجوم قبل أن تخبو وآخر الشعب قبل أن تهوى، أضواء تضيع ولكن لا تتبدد، تبحث عن حدقتين مثل هذه فتسكن فيها، وتتحول إلى بريق دافىء جارج و أسيلن ، كأنه وضع خلاصة روحه فيها!”
“لماذا يسجن الإنسان نفسه داخل شق في الحائط مثل النملة و يعض على أسنانه من الغيظ أو يحك جلده بحثا عن لذة أو يطوي ضلوعه على ثأر.و لماذا يسرق الناس بعضهم بعضا و لماذا تغتصب الأمم بعضها بعضا و الخيرات حولها بلا حدود و الأرزاق مطمورة في الأرض تحت أقدام من يبحث عنها.لماذا اليأس وصورة الكون البديع بما فيها من جمال ونظام وحكمة وتخطيط موزونتوحي بإله عادل لا يخطئ ميزانه.. كريم لا يكف عن العطاء ، لماذا لا نخرج من جحورنا.. ونكسر قوقعاتنا ونطل برؤوسنا لنتفرج على الدنيا و نتأمللماذا لا نخرج من همومنا الذاتية لنحمل هموم الوطن الأكبر ثم نتخطى الوطن إلى الإنسانية الكبرى.. ثم نتخطى الإنسانية إلى الطبيعة وما وراءها ثم إلى الله الذي جئنا من غيبه المغيب ومصيرنا إلى غيبه المغيب. لماذا ننسى أن لنا أجنحة فنجرب أن نطير ونكتفي بأن نلتصق بالجحور في جبن ونغوص في الوحل ونغرق في الطين ونسلم قيادتنا للخنزير في داخلنا ، لماذا نسلم أنفسنا للعادة والآلية والروتين المكرر وننسى أننا أحرار فعلا. لماذا أكثرنا نمل و صراصير..”
“و أحياناً يغمض الإنسان عينيه و يموت ، دون أن يعرف إجابة هذا السؤال القديم : لماذا جاء إلى هذه الحياة !؟”
“إن فى الإنسان منطقة عجيبة سحيقة لا تصل إليها الفضيلة و لا الرذيلة، و لا تشع فيها شمس العقل و الإرادة، و لا ينطق لسان المنطق، و لا تطاع القوانين و الأوضاع، و لا تتداول فيها لغة أو تستخدم كلمة .. إنما هى مملكة نائية من عالم الألفاظ و المعانى .. كل ما فيها شفاف هفاف يأتى بالأعاجيب فى طرفة عين .. يكفي أن ترن فى أرجائها نبرة، أو تبرق لمحة، أو ينشر شذا عطر، حتى يتصاعد من أعماقها فى لحظة من الإحساسات و الصور و الذكريات، ما يهز كياننا و يفتح نفوسنا على أشياء لا قبل لنا بوصفها، و لا بتجسيدها، و لو لجأنا إلى أدق العبارات و أبرع اللغات ،،،”
“لماذا يسخط المجتمع على فكرة الحب ؟ لأن الحب يحفز فى المحبين كل الدوافع التى يخافها المجتمع ، و لا يبقى لرداع قيمة . الروادع ، بالنسبة إلى المجتمع ، مهمة للحفاظ على هيكل العلاقات السليمة بين الناس . و لكن الحب يتجاهلها كلها و كأن المحبين فى مجابهة مستمرة لامكانية القتل أو الموت . و هذه المجابهة بالطبع تزيد من اللوعة و المتعسة ، فيزيد التصميم عليها ، و هكذا يدور المحبون فى حلقة مفرغة لا تنتهى .”
“لماذا نحيا عمرا كاملا رغما عنا ؟ عمرا لم نطلبه و لم نرسمه ؟ و نظل نحلم بعمر يختلف تماما بمقاس آخر و ألوان أخرى و أنفاس لا تأتي أبدا،و يكتب علينا أن نتخبط بين عمر دخيل يحشر أنفه بين أيامنا وتحت أهدابنا وفي عظامنا، وآخر كالحلم - على الرغم من بساطته- يستحيل حتّى وإن كان يشبهنا ؟!؟!؟”