“سؤال: أنت تضع الشاعر فوق الكون .. فوق الناس .. فوق المسئولية .. تراه ولا تتكلم .. نقبله كما هو أو نرفضه ..جواب: أنا لم أضع الشاعر فوق .. وإنما هو موهبته .. خياله .. المادة التي يصنع منها خيالات وتخيلاته وتخييلاته .. وموسيقاه .. وهو لم يطلب أكثر من أن تسمعه .. وهو يدعوك إلى وليمة ضخمة فخمة .. ليس فيها طعام ولا شراب .. وإنما كلام جميل عن الطعام وأنغام بديعة عن الشراب .. وأن تسد فمك وتفتح عينيك .. وتنشر ريشك وتطير معه .. هذا كل ما يطلبه الشاعر”
“وهنا في اليابان لايرون من الضروري أن يعمل الطبيب طبيباً ولا خريج كلية الحقوق محامياً ، ولا المهندس مهندساً .. وإنما هو يدرس ما يعجبه أو ما يستريح له ثم بعد ذلك يبحث عن أي عمل”
“وليس اليتيم هو الذي مات أبوه،ولا اللقيط هو الذي لم يعرف أمه ولم يعرف أباه،أو الذي أحتضنته الملاجئ...وإنما اللقيط هو الذي يشعر أنه غريب في بيته.وأنه غريب بين أخوته.وأنه غريب بعين غرباء...”
“عندما مات أبي، لم أجد ما أقوله.. لم أكتب.. لم أتلق العزاء.. ولا عاتبت أحدًا لأنه لم يمد لي يدًا يطلب السلوان لي والجنة لوالدي؛ فقد كان من الضروري أن أشعر بأن والدي قد غاب.. قد بعد عني.. كان يجب أن أناديه فإذا لم يرد أدركت أنه ليس هناك؛ وإذا عاودت النداء أيقنت أنني وأنه لسنا هنا؛ فبيننا مسافات في المكان والزمان.. ولم أكن في حاجةٍ إلى معجزة لكي أشعر بذلك .. فقد اقتربت منه وفتح عينيه وقال كلمة، ولما لم أجد ابتسامته الرقيقة أدركت أنه مات، فقد كان الابتسام مثل النقط فوق وتحت الحروف، فهو إذا قال ثلاث كلمات ابتسم خمس مرات.. وكان لابد أن أقنع عقلي وقلبي، وأن أعيد ترتيب حياتي كلها قبل أن أشيع في وجودي كله أنه قد مات.. ولذلك احتجت بعض الوقت لكي أرى أوضح وأسمع أعمق وأفكر أبعد لكي أسترجع الذي كان، فأجعله كأنه ما يزال حيًا أمامي.”
“انا كلما رأيت بيتاً ينهار حسدت البيت المنهار، وكلما رأيت بيتاً يقام حسدت البيت الجديد ... إني لست حاسداً أحداً ولا حاقداً على أحد، ولكنني .... أريد أن ينتقل بعض هذا الطوفان إلى نفسي ... أريد أن ينتقل إلى قلبي إلى عقلي ... أريد أن ألقي بالبيوت القديمة إلى الماء، أريد أن أغرق الأوهام التي تعيش في نفسي والتي تعيش فيها نفسي ... أريد أن تذوب دموعي الجافة ، أريدها أن تذوب، ولكن فطوفان جديد ... أريد طوفاناً لا يترك في نفسي إلا القليل الذي أنجو به كمان نجا نوح عليه السلام، لتستمر حياتي من جديد .... أريد أن أنزل من بحر هائل، وأن يظل رأسي فوق الماء، كي أتمكن من السباحة ومن النجاة ... ومن معاودة الغرق من جديد”
“لابد أننى كنت أتلصص على عالم المرأة من بعيد ..لا عندى فرصة ولا وقت ولا عندى شجاعة .. ورغم القصص التى أسمعها ورغم الفتيات التى أراههن , لا أجرؤ على النظر إلى واحدة , وإذا نظرت لا أعرف ما الذى يمكن أن يحدث بعد النظرة أو الابتسامه أو السلام أو الكلام .. لا شىء من كل ذلك .. ولاحظت أننى أحب الاستماع إلى هذه المغامرات . وأننى عندما أعود إلى البيت أسجلها .. أى أعيشها مرة أخرى .. أو أقترب منها أو أشارك فيها .ولكنى فى ذلك الوقت لم أنفرد بواحدة أو بقصة أو بمغامرة .. و إن كنت أتمنى ذلك .. وفى المذكرات وجدت أننى أحكى قصه من خيالى ومن وهمى .. قصة واحدة جارة .. ووجدتنى أصفها هكذا : شعرها أسود وعيناها أيضا . وحاجباها وشفتاها . ومشيتها كأنها بطة أو وزة . إذا تجاوزتنى كأنها لا تعرفنى . فإذا تابعتها إلى بيتها وتغلق الباب ورائها بشدة . وفى المرة الثانية عندما اقتربت منها وهى تقول :أحبك .. حتى إذا لم تكن تحبنى !وهى قصة لم تحدث . ولكن أريدها أن تحدث . و أن تكون هى البادئة . وهى التى تحب و أنا أتردد . أو أرفض .والمعنى : أننى أتوهم ما ليس كذلك !”
“أسهل أن تصف أي إنسان بالجنون .. فاﻹنسان ليس عاقلا طول الوقت . . و لا مع كل الناس؛ ففي كل إنسان لحظة جنون . . وصعب جدآ أن تقول عن إنسان إنه عاقل في كل تصرفاته . . فهناك أفعال يقوم بها اﻹنسان لا يمكن أن تتصف بالحكمة : كأن يعلب في أذنه . أو يبتسم وهو جالس وحده . . أو يشغل نفسه بالبحث عن مستقبل البشرية في مائة العام القادمة ..”