“أيّا ما كان الأمر، في هذا الوجه من المسألة، فإن القضية في جوهرها لا ترد إلى المصدر الذي صدرت عنه الديمقراطية - هل هو التراث الإسلامي أم أثينا أم الغرب الحديث - فكل هذه التراثات تشكلت «إنسانيا» وقيمتها تأتي في نهاية الأمر من طبيعتها وماهيتها ومن قدرتها على الاستجابة المكافئة للمصالح والمطالب الإنسانية الأصيلة، ومن التفاعلات التي تحدث في العناصر المشكلة للمنظومة والتي تفضي إلى تحقق «المصلحة» والعدالة والخير العام. وفي هذا الشأن تظل «كلمة السر» التي صرح بها ابن عقيل هي الكلمة الحاسمة في المسألة: «السياسة ما كان فعلا يكون معه الناس أقرب إلى الصلاح وأبعد عن الفساد وإن لم يضعه رسول ولا نزل به وحي»، ومثلها كلمة ابن قيم الجوزية: «فإن ظهرت أمارات العدل وأسفر وجهها بأي طريق فثم شرع الله ودينه». فالجواب إذن عن سؤال: نصدر عن «المعطى الغربي» أم عن «المعطى التراثي»؟ هو التالي: في الأمور الإنسانية نصدر عما تتبين فيه المصلحة والخير العام والعدالة، لا أكثر ولا أقل.”