“نعيش في مجتمع، بل في عالم لا يرحم المرأة. لا العجوز ولا الصبيّة ولا الطفلة. لا المرأة العاديّة ولا المرأة المتميّزة. لا الزوجة ولا العشيقة. لذلك كلّما استوقفني جمالُ امرأة أشعرُ على الفور كأنّها مشروع ضحيّة، ستُعشق وتدلَّل حتّى تؤكل، وما إن تؤكل حتّى يبدأ اضطهادها. مثلما تُرغَب تُنْبَذ. لا نجرّم الرجل، لعلّها طبيعةُ الأشياء. ميزانُ القوى. أسمعُ وأقرأ عن شرّيرات، عن حيّات وعقارب، وعرفتُ بعضهنّ: ولا واحدة حتّى من هؤلاء أيضاً إلّا هي ضحيّة. ضحيّة جمالها وإلّا فبشاعتها. ضحيّة ما تُحَبُّ من أجله وضحيّة ما تُخان بسببه. ضحيّة خصبها وضحيّة عُقْرها. ضحيّة وهجها وضحيّة انطفاء وهجها. ضحيّة عاشقها من بعيد وضحيّة عاشقها من قريب.أَمَرُّ أعدائها، قبل الزمن، خيبةُ أمل الرجل بها. والخيبة ممكنة كلّ لحظة من المهد إلى اللحد. خيبتها به لا تصيبه كما تصيبها خيبته بها. هي تصاب كأمّ وهو يصاب كوَلَد. هي تُقْتَلَعُ من جذورها وهو ينتقل من حفرة إلى رابية. ما من قهر أقسى على امرأة من تَبخُّر البريق في نظرات رجل انتهى إعجابه بها. تخلٍ مُطْلَق. المرأة، مهما بردت عواطفها حيال الرجل، يظلّ شيءٌ فيها يترأّفُ به. ما عدا الحمقاوات، وما عدا الدونجوانات الحاضرات النسيان. النساء ضنينات بالذكرى عندما يخونهنّ الحاضر. شرّ الشرّيرات ألطفُ من شرّ الأشرار. فيه ماء. غَدْر البحيرة؟ صحيح، لكنّه ماء.”
“وأنتَ أيضاً صورتكَ، ولكنْ مع أسبابٍ تخفيفيّة معظم الأحيان. المرأةُ لا تتعامل مع أسطورتك بل مع واقعك. يتبقّى من وهجك الخارجي فيها مقدارٌ «طبيعي» لا مبالغةَ فيه. قد تنبهر بمظاهرك وشهرتك أوّل الأيّام وسرعان ما تبدأ تراك على حقيقتك. كأنّ الواحدة عجنت الواحد منّا وخبزته وأكلته مراراً قبل أن يُخْلَق. المرأةُ سبقت الرجل إلى الوجود.تعشق امرأةٌ رجلاً على شهرته، وما إنْ تعاشره حتّى يسقط لها قناعه. للمرأةِ طبيعةُ الطبيعة. جرّبْ أن تخدع البحر، أن تخدع دورة الفصول، أن تخدع الأرض. طبيعةُ الرجل أكثر استعاريّة. لا لزوم لأن يكون الرجل استثنائيّاً ليعيش بذهنه. أيّ رجل، لمجرّد تكوينه، لديه قسطٌ من الذهنيّة يتحكّم في غرائزه، أو هو على الأقل عنصرٌ مهمّ فيها. الذهنُ هو الصورة. التذهين أساسيّ في الرغبة. التذهين أبو الحلم. الحلم غائم لولا عَضَل الذهن. الذهن خيال. الخيال لا يرحم: الصورة في مقدَّم الرحلة وإلّا فلا إقلاع.”
“ألاحظ كثيرا .. انه عندما تنتهي علاقة رجل بامرأة, تعود المرأة لما مضى .. وتطلب النجدة من التاريخ ..تحزن .. تبكي .. تثور .. وتسترجع الزمن تقول انني ضحيت من أجله وتنازلت عن الكثير من أجله وتخلى عني في لحظة عين ,عندما يتخلى الرجل عن المرأة في لحظة فهو لا يفكر بتضحياتها .. ولا بالتاريخ .. ولا ما كان ,هو يفكر فقط في حياة جديدة تنتظره .. او امرأة جديدة ,ففي انقلابات البشر تسقط كرامات التضحية”
“والمرأة من هذا هي أكثر نبلا في تقديرها لرائحة المخلص من الرجال، فهي تدوخ من عرق من تحب مهما كان نفاذا، بينما الرجل العاشق أقل تسامحا مع عرق المرأة، لذلك فإن إنفاق المرأة على العطور أضعاف ما ينفقه الرجل لا يعود إلى سوء تدبير منها بل إلى سوء تقدير الرجال لرائحة الجسد الطبيعية.”
“في المرأة الجميلة أشياء كثيرة تقتل الرجل قتلاً، وتخلجه عن كل ما في دنياه كما تخلجه المنيّة عن الدنيا؛ وليس فيها شيء واحد ينقذه منها إذا أحبها، بل تأتيه الفتنة من كل ما يعلن وما يضمر، ومن كل ما يرى وما يسمع، ومن كل ما يريد وما لا يريد، وتأتيه كالريح لو جهد جهده ما أمسك من مجراها ولا أرسل. ولكن في الرجل شيئاً ينقذ المرأة منه وإن هلك بحبها، وإن هدمت عيناها حافاته وجوانبه، فيه الرجولة إذا كان شهماً، وفيه الضمير إذا كان شريفاً، وفيه الدم إذا كان كريماً؛ فوالذي نفسي بيده لا تعوذ المرأة بشيء من ذلك ساعة تُجن عواطفه وينفر طائر حلمه من صدره إلا عاذت والله بمعاذٍ يحميها ويعصمها ويمد على طهارتها جناح ملك من الملائكة.الرجولة والضمير والدم الكريم؛؛ ثلاثة إذا اجتمعن في عاشقٍ هلك بثلاث: بتسليط الحبيبة عليه وهو الهلاك الأصغر، ثم فتنته بها فتنة لا تهدأ وهو الهلاك الأوسط، ثم إنقاذها منه وهو الهلاك الأكبر..... ألا إنّ شرف الهلاك خيرٌ من نذالة الحياة”
“إذا ميز الرجل المرأة بين جميع النساء؛ فذلك هو الحب.إذا أصبح النساء جميعاً لا يغنين الرجل ما تغنيه امرأة واحدة؛ فذلك هو الحب.إذا ميز الرجل المرأة لا لأنها أجمل النساء، ولا لأنها أذكى النساء، ولا لأنها أوفى النساء، ولا لأنها أولى النساء بالحب، ولكن لأنها هي هي بمحاسنها وعيوبها؛ فذلك هو الحب.”
“لا خشونة الرجل تهب له فضلاَ من تقوى, ولا نعومة المرأة تنقصها حظا من إحسان”