“غايةُ الناسِ وحاجاتهم صلاحُ المعاشِ والمعاد، والسبيل إلى دركها: العقلُ الصحيح. وأمارةُ صحةِ العقلِ اختيارُ الأمورِ بالبصرِ، وتنفيذُ البصرِ بالعزمِ. وللعقولِ سجياتٌ وغرائزُ بها تقبل الأدب، وبالأدبِ تنمى العقولُ وتزكو.فكما أن الحبة المدفونة في الأرضِ لا تقدر أن تخلعَ يبسها وتظهر قوتها وتطلع فوق الأرضِ بزهرتها وريعها ونضرتها ونمائها إلا بمعونةِ الماء الذي يغورُ إليها في مستودعها فيذهب عنها أذى اليبس والموت ويحدث لها بإذن الله القوة والحياة، فكذلك سليقةُ العقلِ مكنونةٌ في مغرزها من القلبِ: لا قوة لها ولا حياة بها ولا منفعة عندها حتى يعتملها الأدبُ الذي هو ثمارها وحياتها ولقاحها.”
“اللوحة أنثى كذلك.. تحب الأضواء وتتجمل لها، تحب أن ندللها ونمسح الغبار عنها، أن نرفعها عن الأرض ونرفع عنها اللحاف الذي نغطيها به.. تحب أن نعلقها في قاعة لتتقاسمها الأعين حتى ولو لم تكن معجبة بها..إنها تكره في الواقع أن تعامل بتجاهل لا غير..”
“اللوحة أنثى كذلك.. تحبّ الأضواء وتتجمل لها، تحب أن ندلّلها ونمسح الغبار عنها، أن نرفعها عن الأرض ونرفع عنها اللحاف الذي نغطِّيها به... تحبّ أن نعلقها في قاعة لتتقاسمها الأعين حتى ولو لم تكن معجبة بها..إنها تكره في الواقع أن تعامل بتجاهل لا غير..”
“لَسْنَا إلى ما يمسكُ أرماقنا من المأكل والمشرب، بأحوجَ منا إلى ما يُثْبتُ عقولنا من الأدبِ الذي به تفاوتُ العقول. وليس غذاءُ الطعامِ بأسرعَ في نباتِ الجسدِ من غداء الأدب في نباتِ العقلِ. ولسنا بالكدّ في طلبِ المتاعِ الذي يُلتمسُ بهِ دفعُ الضررِ والغلبةُ، بأحق منا بالكد في طلبِ العلمِ الذي يُلتمسُ بهِ صلاحُ الدينِ والدنيا.”
“إن الطاقة النفسية كلها.. فيما عدا خطوطاً قليلة جداً .. محايدة بين الخير والشر. لا لون لها في ذاتها. ولكن التوجيه الذي يقع لها هو الذي يحولها إلى طاقة خيرة أو طاقة شريرة........... والإنسان بعد من أعظم معجزات الخلق: لا هو بالملاك ولا بالشيطان. ولكنة مشتمل عالخير والشر، وقادر في لحظات الأرتفاع أن يصبح كالملائكة، وقادر في لحظات الهبوط أن يصبح كالشياطين.”
“فالقافلة لا تتوقف أبدا ولا تحيد عن طريقها وإن تخلى المتخلون وانحرف المنحرفون فهي ماضية في سبيلها تنفي خبثها فينضج طيبها ولا ينجو إلا من لحق بها ولا يخيب إلا من تاه عنها أو حاول أن يضع العراقيل في طريقها وإن فريقًا أعرض أو تولى استبدل الله به فريقًا خيرًا منه يرد عليها عافيتها ويعيد لها نشاطها مصدقا لقول الله تعالى: (وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ)”