“النفس لا تترك محبوباً إلا لمحبوب أعلي منه، أو خشية مكروه حصوله أضر عليها من فوات هذا المحبوب، وهنا يحتاج صاحبه إلي أمرين إن فقدهما أو أحدهما لم ينتفع بنفسه:أحدهما: بصيرة صحيحة يفرق بها بين المحبوب و المكروه، فيؤثر أعلي المحبوبتين علي أدناهما.والثاني: قوة عزم وصبر يتمكن به من هذا الفعل والترك، فكثيراً ما يعرف الرجل قدر التفاوت، ولكن يأبي له ضعف نفسه وهمته وعزيمته علي إيثار أشياء لا تنفع من جشعه وحرصه ووضاعة نفسه.”
“لو كان للعالم إلهان لفسد نظامه غاية الفساد، فإن كل إله كان يطلب مغالبة الآخر، والعلو عليه، وتفرّده دونه بالإلهية، إذ الشركة نقص في كمال الإلهية، والإله لا يرضي لنفسه أن يكون إلهاً ناقصاً... وأصل فساد العالم إنما هو من إختلاف الملوك والخلفاء، ولهذا لم يطمع أعداء الإسلام فيه في زمن من الأزمنة إلا في زمن تعدد ملوك المسلمين وإختلافهم، وإنفراد كل منهم ببلاد، وطلب بعضهم العلو علي بعض. فصلاح السماوات والأرض وإستقامتهما وانتظام امر المخلوقات علي أتم نظام أظهر الأدلة علي أنه لا إله إلا الله وحده لا شريك له”
“من عرف نفسه انشغل باصلاحها عن عيوب الناس”
“ ومن وافق الله في صفه من صفاته قادته تلك الصفة إليه بزمامه، وأدخلته على ربه وأدنته منه وقربته من رحمته، وصـيرته محبوباً له، فإنه سبحانه رحيم يحب الرحماء، كريم يحب الكرماء عليم يحب العلماء، قوي يحب المؤمن القوي، وهو أحب إليه من المؤمن الضعيف، حيٌّ يحب أهل الحياء، جميل يحب أهل الجمال، وتر يحب أهل الوتر”
“( يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون ( (االحجرات 2) :" فإذا كان رفع أصواتهم فوق صوته سببا لحبوط أعمالهم ، فكيف تقديم آرائهم وعقولهم وأذواقهم وسياساتهم ومعارفهم على ما جاء به ورفعها عليه ؟ أليس هذا أول أن يكون محبطا لأعمالهم؟”
“إن السلف مجمعون على أن العالم لا يستحق أن يسمى ربانيا حتى يعرف الحق ، ويعمل به ، ويعلَّمه ، فمن علم وعمل وعلَّم فذاك يدعى عظيما في ملكوت السماوات .”
“إن في القلب شعث : لا يلمه إلا الإقبال على الله، وعليه وحشة: لا يزيلها إلا الأنس به في خلوته، وفيه حزن : لا يذهبه إلا السرور بمعرفته وصدق معاملته، وفيه قلق: لا يسكنه إلا الاجتماع عليه والفرار منه إليه، وفيه نيران حسرات : لا يطفئها إلا الرضا بأمره ونهيه وقضائه ومعانقة الصبر على ذلك إلى وقت لقائه ، وفيه طلب شديد: لا يقف دون أن يكون هو وحده المطلوب ، وفيه فاقة: لا يسدها الا محبته ودوام ذكره والاخلاص له، ولو أعطى الدنيا وما فيها لم تسد تلك الفاقة أبدا!!”