“في كل مجتمع منقسم يوجد عدد من الرجال والنساء الذين يحملون في داخلهم انتماءات متناقضة ويعيشون على التخوم بين جماعتين متصارعتين، كائنات تخترقها نوعاً ما الصدوع الإثنية أو الدينية أو غيرها. لانتعامل هنا مع حفنة من الهامشيين، فعددهم بالآلاف بل بالملايين، وعددهم في تزايد مستمر، إنهم "حدوديون" بالولادة او بمصادفات مسارهم أو أيضاً بإرادة واعية، وهم يستطيعون أن يؤثروا على الأحداث وجعل الكفة تميل في اتجاه أو آخر. والذبن يستطيعون من بينهم الاضطلاع كلياً بتنوعهم ينفعون "كصلات" وصل بين مختلف الجماعات والثقافات وهم "المادة" التي تعزز اللحمة داخل مجتمعاتهم. وبالمقابل الذين لايستطيعون الاضطلاع بتنوعهم الخاص يجدون أنفسهم أحياناً بين أشد القتلة على الهوية فتكاً، يهاجمون الذين يمثلون الجزء الذي يريدون طمسه من انفسهم. إنه "كره الذات" الذي شاهدنا أمثلة عديدة عليه عبر التاريخ.”
“«.. المرء دومًا يزدري عصره، مثلما يُعظِّم الماضي. من السهل أن أتخيل نفسي جمهوريًا في برشلونة عام ١٩٣٧، أو مقاومًا في فرنسا ١٩٤٢، أو من رفاق تشي غيفارا. ولكن حياتي تجري هنا والآن، هنا وعليَّ الآن أن أختار: إما أن أنخرط، وإما أبقى بمنأى عن ذلك».”
“يجب على كل واحد منا أن يشق طريقه بين الدروب التي يُدفع إليها، والدروب التي يُحظر عليه سلوكها، أو التي توضع له فيها العراقيل، عند كل خطوة يخطوها، وهو ﻻ يكون نفسه دفعة واحدة، وﻻ يكتفي بأن يعي ماهيته بل يصبح ماهو عليه، وﻻ يكتفي بأن يدرك هويته بل يكتسبها خطوة خطوة”
“لستُ من أتباع أي دين، ولا أشعر بالحاجة لأن أصبح كذلك. وموقفي من هذه المسألة غير مريح لا سيما وأنني لا أشعر بنفسي ملحدًا كذلك. لا أستطيع أن أؤمن بأن السماء فارغة، وبأنه لا يوجد بعد الموت سوى العدم. فماذا يوجد وراء ذلك؟ لا أدري. هل يوجد شيء ما؟ لا علم لي. أرجو ذلك، إنما لا أعرف؛ وأشعر بالريبة إزاء من يدعون المعرفة، سواء كانت أشكال يقينهم دينية أم ملحدة. إنني في منزلة بين الإيمان وعدم الإيمان مثلما أنا في منزلة بين وطنين، ألاطف هذا وألاطف ذاك، ولا أنتمي لأي منهما. لا أشعر بنفسي غير مؤمن إلا حين أستمع إلى عظة رجل دين؛ ففي كل عظة، وكل إشارة إلى كتاب مقدس، يتمرد عقلي، ويتشتت انتباهي، وتتمتم شفتاي لعنات. غير أني أرتعش في أعماقي حين أحضر مأتمًا علمانيًا، وتتملكني الرغبة بدندنة تراتيل سريانية، أو بيزنطية، أو حتى ترتيلة القربان المقدس القديمة التي يقال إنها من تأليف توما الأكويني. ذلك هو درب التيه الذي أسلكه في مجال الدين. وبالطبع، أسير فيه وحيدًا، بدون أن أتبع أحدًا، وبدون أن أدعو أحدًا لأن يتبعني.”
“هذا خطأ شائع نقع فيه جميعاً, فالظاهر أن من الصعب على ذهن المرء أن يميز بين جوانب الإنسان المتعددة, و أن من الأسهل بكثير أن يحكم على الشخص ككل, حُكما واحدا جاهزا, لا يميز بين جانب من فكر هذا الشخص و جانب آخر. و لعلّ هذا الميل الشئع لدينا في المحكم على الناس, هو الذي جعلنا نتراوح بين الحب الشديد لشخص ما في وقت من الأوقات, و السخط الشديد عليه في وقت آخر, بين التقدير البالغ لشخص, و احتقاره احتقاراً تاماً.”
“لا شيء أخطر من محاولة قطع حبل السرة الذي يربط الغنسان بلغته. فعندما ينقطع هذا الحبل أو يتعرض للاهتزاز، ينعكس بصورة سلبية للغاية على كل الشخصية”
“الرأي العام أشبه بشخص ضخم الجثة مستسلم للرقاد. بين الحين والآخر يصحو من سباته بغتة و عليك أن تستغل الفرصة لإقناعه بفكرة واحدة في غاية البساطة والإيجاز، لأنه سرعان ما يتمطى و يتثاءب و يتقلب و يتهيأ للنوم من جديد، ولن تستطيع منعه أو إيقاظه.ثم تنتظر بخبث أن يهتز سريره”