“على أن أذكرك بجانب آخر من تناقضاتى ( وهى السبب الوحيد الذى يمكن أن تقرأ هذه السيرة من أجله ). فرديتى الفظيعة. كرهى للنمطية فى أى صورة من صورها . إذا هتف الناس لا أهتف . إذا صفقوا لا أصفق إلا رعاية للمظاهر. لا أقول آمين وراء الإمام فى الجامع إلا لتصح صلاتى . لا أحب أن اكون نسخة بين ألاف النسخ أو مئاتها أو عشراتها . والآن يرعبنى التفكير فى " الاستنساخ" وأراه آخر درجات الانحطاط فى تاريخ الجنس البشرى”
“تنتابنى رغبة قوية فى أن أختفى . ليس فى الإنتحار لأنى أحب الحياة مثل محمود درويش ما استطعت إليها سبيلًا ، ولكن رغبة فى أن أختفى . فى أن لا أكون قد وُلدت أساسًا أو وُجدت . فى أن لا يكون لى اسم أو ذِكر أو أكون قد رأيت ما رأيت أو سمعت أو فهمت .”
“تنتابنى رغبة قوية فى أن أختفى. ليس فى الانتحار لأنى أحب الحياة مثل محمود درويش ما استطعت إليها سبيلاً، ولكن رغبة فى أن أختفى. فى أن لا أكون فد وُلدت أساساً أو وُجدت. فى أن لا يكون لى اسم أو ذِكر أو أكون قد رأيت ما رأيت أو سمعت أو فهمت.”
“لا تحمل على ظهرك أثقالا منالوهم. أنزلْ ما تحمل، على الأرض، ضع هذه الحقائب الثقيلة التى حملَتها لك أمك أو أبوك أو أى كان. ضع كل ما تحمل، علىالأرض، وابدأ من جديد. فكر فى ما تريد أن تأخذه معك فى رحلتك، ودع الباقى خلفك ليحمله أصحابه.”
“اعلم أن كل الناس مثلك، تحب وترغب فى وصال من تحبه. لا تتوارَ، فكلنا يا صديقى نمر من هذا الباب.”
“كل فرار مؤقت، حتى يرتطم بك نيزك آخر من الاستبداد وضيق الأفق. وإن واصلتَ الفرار ستعيش فى فرار دائم. لا وجود لذلك الحلم الذى باعه لنا عمر الخيام ومن سار فى خطاه: لا وجود للحديقة الغَنَّاء التى تستلقى فيها مع حبيبتك على بساط آمن وتأكلان وتشربان وتلهوان وتتحابان وتنامان على وقع الموسيقى وتستيقظان فى حبور، دون أن تشغلا بالكما بالعالم وشروره. لا مكان يا يحيى لهذا الحلم إلا فى المنام. أما هنا، فلا أمان لك دون الآخرين. لن تجد الأمان وسط الرعب، وإن خُيِّل إليك أنك وجدته فاعلم أنه مؤقَّت، وستأتى عصا غليظة وتنقضّ عليه فى أى وقت. يمكنك التظاهر بالأمان. يمكنك مواصلة الحياة على الهامش متخيلا أن شيئا ما سيحميك: منصبك، قريب أو صديق، حسن سلوكك وبُعدك عن المشكلات، أو قلة أهميتك. لكن لا شىء من هذا يحميك حين تنزل عليك كف السلطان الظالم، على وجهك، أو مسرحك، أو فقاعتك التى صنعتَ لنفسك، أو على رأس مدينتك بكاملها، أو حتى على وجه ذلك الذى يسير بجوارك. عندها، حتى لو لم تُصِبْك الضربة مباشرة فتقتلْك أو تجرحْك أو تقضِ على فقاعتك، فإنها ستصيب جارك، وسترى ذلك بعينيك، وينكمش فيك شىء، ينقبض فيك شىء، ينغلق فيك شىء، تتعظ، وتصير من هذا اليوم وصاعدا، ناقص الحرية، ناقص الإرادة، ناقص الشجاعة، ناقص الرجولة، ناقص الإنسانية.”
“لا أبالى إن كنت فى جانب والجميع فى جانب آخر، ولا أحزن إن ارتفعت أصواتهم أو لمعت سيوفهم، ولا أجزع إن خذلنى من يؤمن بما أقول، ولا أفزع إن هاجمنى من يفزع لما أقول، وإنما يؤرقنى أشد الأرق أن لا تصل هذه الرسالة إلى من قصدت، فأنا أخاطب أصحاب الرأى لا أرباب المصالح، وأنصار المبدأ لا محترفى المزايدة، وقصاد الحق لا طالبى السلطان وأنصار الحكمة لا محبى الحكم، وأتوجه الى المستقبل قبل الحاضر، وألتصق بوجدان مصر لا بأعصابها، ولا ألزم برأيى صديقا يرتبط بى، أو حزبا أشارك فى تأسيسه، وحسبى إيمانى بما أكتب، وبضرورة أن أكتب ما أكتب، وبخطر أن لا أكتب ما أكتب .. والله والوطن من وراء القصد.”