“في نمط الكينونة, لا يكون الإيمان -في المقام الأول- مجرد إيمان بأفكار معينة وإن كان من الممكن أن يتضمن هذا أيضا, إنما الإيمان- في المقام الأول- هو توجه داخلي, موقف, ولعله من الأنسب أن يقال إن شخصا ما في حالة الإيمان, على أن يقال إنه يملك إيمانا,يمكن ان الشخص في حالة ايمان بنفسه وبالأخرين, والمتدين في حالة إيمان بالله, والله في العهد القديم هو بالدرجة الأولى نفي للأصنام للآلهة التي كان الناس يملكونها.وإيماني بنفسي وبالأخرين وبالجنس البشري يتضمن ايضا نوعا من اليقين, ولكنه يقين اساسه تجربتي الذاتية, وليس خضوعي لسلطة تملي عليّ نمطا معينا من الإيمان. إنه يقين الحقيقة التي قد يستحيل إثباتها بأدلة عقلية ملزمة, ومع ذلك فهي الحقيقة التي أنا على يقين منها لأن ثمة أدلة عليها من تجربتي الذاتية.إذا كنت على يقين من أن شخصا ما تتوافر فيه صفات التكامل الإنساني فإنني لا استطيع أن اقيم الدليل على أن تكامله يمكن ان يستمر لآخر يوم في حياته.وحتى لو حدث, فليس ثمة ما يستبعد احتمال اختلال التكامل لو امتدت الحياة به, إن يقين يقوم على معرفتي بالشخص الآخر, وعلى تجربتي الشخصية في الحب والتكامل الإنساني, وهذا النوع من المعرفة لا استطيع التوصل اليه إلا بقدر ما استطيع تنحية ذاتيتي ورؤية شخصية الإنسان الآخر كما هي, واستجلاء بناء قواه الداخلية, رؤيته في تفرده كما في انسانيته الشاملة في الوقت نفسه.”
“الحب ليس سوى حالة ارتياب؛ فكيف لك أن تكون على يقين من إحساس مبني أصلًا على فوضى الحواس، وعلى حالة متبادلة من سوء الفهم يتوقع فيها كل واحد أنه يعرف عن الآخر ما يكفي ليحبه. في الواقع هو لا يعرف عنه أكثر مما أراد له الحب أن يعرف، ولا يرى منه أكثر مما حدث أن أحب في حب سابق. ولذا نكتشف في نهاية كل حب أننا في البدء كنا نحب شخصًا آخر!”
“أشعر أحياناً أنه لا يمكن أن يعبرنا الزمن بوتيرة ثابتة , وأن الأيام لا تتساوى في حجمها كما توهمنا الحقائق . شخصياً , أنا على يقين أن السنتين الأخيرتين كانتا أقصر بكثير من شهر واحد في السنة التي قبلها”
“ولا بد في تحقق الإيمان من اليقين، ولا يقين إلا ببرهان قطعي لا يقبل الشك والارتياب. ولا بد أن يكون البرهان على الألوهية والنبوة عقليا، وإن كان الإرشاد إليهما سمعيا. ولكن لا ينحصر البرهان العقلي المؤدي إلى اليقين في تلك الأدلة التي وضعها المتكلمون، وسبقهم إليها كثير من الفلاسفة الأقدمين، وقلما تخلص مقدماتها من خلل، أو تصح طرقها من علل، بل قد يبلغ أمِّيٌّ عِلم اليقين بنظرة صادقة في ذلك الكون الذي بين يديه، أو في نفسه إذا تجلت بغرائبها عليه. وقد رأينا من أولئك الأميين ما لا يلحقه في يقينه آلاف من أولئك المتفننين، الذين أفنوا أوقاتهم في تنقيح المقدمات وبناء البراهين، وهم أسوأ حالا من أدنى المقلدين.”
“لا يخدعنّك من يقول لك أن مكارم الأخلاق تغْني بوازع الضمير عن الإيمان، لأن مكارم الأخلاق التي تواضعْنا عليها للتوفيق بين غرائزنا وحاجات المجتمع لابد لها عند اعتلاج الشهوات في الشدائد والأزمات أن تعتمد على الإيمان. بل إن هذا الشيء الذي نسميه ضميراً إنما يعتمد في سويدائه على الإيمان”
“الإنسان لا يُصلحه أن يحيا بحواسه فقط كما تزعم المادية: "الرغبة التي لا تتحقق تسبب الألم، والرغبة المحققة تولّد شعوراً بالإشباع". إن الرفاهية و ما يصاحبها من حالات عقلية تقلل،بل تقضي على الارتباط بأي نظام قيمي. والحضارة أبعد من ان تمنح لحياتنا معنى، إنما هي في الحقيقة جزء من الهُراء في وجودنا.”