“التوحيد اعتراف بأنه لا إله إلا الله.و معني ذلك أن الله تعالي هو المصدر الأسمي للخير كله, و الإيمان بأن الله تعالي هو الخير الأسمي الذي يستمد منه كل شئ خير.و علي الإنسان أن يعي علي الدوام أن كل ما يقدره الله تعالي , ‘إنما يقدره الله لغاية خيرة,ناصيتها بيده و إليه منتهاها, و القول بعكس ذلك نفي للتوحيد.و هذا هوالسبب في تحريم القرآن الكريم القاطع علي المسلمين أن يسيئوا الظن بالله تعالي.فما نعرفه بحواسنا صحيح, مالم تكن حواسنا غير سوية أو معيبة بجلاء.و ما يبدو متماسكا في الحس العام يعتبر صحيحا , مالم يقم الدليل علي العكس. وما نريده بغرائزنا و شهواتنا هو خير بالأساس, مالم يحرمه الله علينا صراحة. و يرشدنا التوحيد إلي التفاؤل علي الصعيدين المعرفي و الأخلاقي, و يراد بالتفاؤل كمبدأ معرفي:قبول الحاضر إلي أن يقوم الدليل علي زيفه. أما المراد به كمبدأ أخلاقي فهو : قبول المرغوب إلي أن يقوم الدليل علي حرمته. و يسمي المبدأ الأول : مبدأ الصحيح , و يسمي الثاني: مبدأ اليسر.و كلا هذين المبدأين يحمي المسلم من الإنغلاق الذاتي في التعامل مع الوجود, و من نزعة المحافظة المهلكة , و يحثه علي الشهود و الاستجابة لمتطلبات الحياة و للخبرة الجديدة.و يعني التسامح في هذا المضمار: اليقين بأن الله تعالي قد وهب البشر جميعا فطرة سليمة تمكنهم من معرفة الدين الحق , و إدراك المشيئة الإلهية و التعاليم الربانية”