“ماذا تفعل حين تعيش في ثقافة لاتقدر ، بطبيعة ذاتها ، أن ترى إلى المستقبل إلا بعين الماضي ، ولا تقدر أن ترى فيه أكثر من كونه مجالاً لتجلي الماضي ، ببهائه اللانهائي ، بحيث لا يكون الزمن المقبل كله إلا مناسبة لتحيين ما مضى ؟”
“حين كان يقال للعربي في الماضي : أرفض الفلسفة اليونانية ، فإنما كان يُقال له : لا تأخذ الأفكار التي تخلخل القيم التي تقوم عليها السلطة . تماماً ، كما يقال له اليوم ، لا تستورد الأفكار الغريبة أو الغربية ، - أي لاتكتسب المعرفة التي تخلخل ثقافة السلطة وقيمها . فالتراث في المنظور الذي يُدرس به اليوم ، وفي طرق الدراسة ، هو تراث السلطة ، وهذا المنظور وهذه الطرق تدعم وترسّخ النظام الثقافي الذي تنهض عليه وبه السلطة .”
“الكتابة العربية المعاصرة هي ، في معضمها ، نوع من البحث عن زمن ضائع ، بشكل أو آخر : في الماضي فيستعاد أو في الحاضر فيقبض عليه ، أو في المستقبل فيُنتظر مجيئه .هذا وجه من وجوه نقصها .كلا ، - لا البحث عن زمن ضائع ، بل نبش المطموس ، المكبوت ، المهمَّش ، المنسيّ لافي الجماعة وحدها ، لافي التاريخ وحده ، وإنما في الذات أيضاً .نبشُهُ ، واستنطاقه : بهذا نواجه الحرية ، ومسؤلية الحرية . وفي ضوء هذه المواجه ، تكمن رؤية طريق ما ...”
“كيف نوضح للشمس أن اشعتها اليوم لم تعد إلا خيوطاً لنسج اكفاننا؟ بأية لغة نقول لها: شروقها جرحٌ / وليس غروبها إلا قبراً؟”
“أنني أميل إلى القول إن وعي الذات لا يأخذ بعده الإنساني والفكري، العميق و الخلاق، إلا بقدر ما يختبر في وعي الآخر. الأنا سفر متواصل نحو نفسها، عِبرَ الآخر. الأنا، بعبارة ثانية، لا تصير ذاتها إلا بقدر ما تصير الآخر. وضمن هذا الحد، يمكن القول، وفقا للعبارة الصوفية: أنا لا أنا.”
“الخليفة الثاني هو الذي أسس لنقل السياسة الإسلامية من كونها ممارسة نبوية بشخص النبي ذاته، إلى كونها ممارسة إنسانية يقوم بها خليفته. وفي هذا اتسع المجال للخلاف بين الآراء، على العكس مما كان الأمر في حياة النبي.وبدءا من ذلك بدأت الانفجارات في العلاقات بين الدين و العالم، عبر العلاقة بينه و بين الدولة. ربما نجد في هذه الانفجارات عناصر تشارك في تفسير العنف، الدموي غالبا، في الخلافات ما بين المسلمين، بعد وفاة النبي مباشرة، وعلى امتداد النصف الأول من القرن الهجري الأول، والذي مات فيه ثلاثة خلفاء راشدين اغتيالا. وتمثلت ذروة هذه الخلافات في تأسيس الدولة الأموية حيث أصبح الدين مجرد أداة لخدمة الخلافة السياسية أو مجرد سلاح لمحاربة العدو. وأخذ الدين يتفتت في مذهبيات دوغمائية، يُعنى أصحابها بالقضاء على خصومهم، أكثر مما يعنون بالدولة و بنائها.”