“فى طفولتى كانت الأماكن بلا حكايات، لا أعرفها إلا بالنظر وعبورا، مجرد هياكل فى خلفية مشهد أسرى، أهرام الجيزة مثلا تصبح، حين نعرّيها من حكايتها، كالرمال التى تحيط بها، خلفية للرحلة المدرسية، أو مثلثات ثلاثة تناسب الجانب الأيسر من الصفحة البيضاء فى كراسة الرسم، مجرد أشكال يخطها قلم الطفل فى دقيقتين، خفيفة، كأنها لا شئ !”
“الزواج فى المجتمعات الغربية مشروع لا يقوم إلا على الحب ولا يبرره سواه، أما فى مجتمعاتنا فهو فى كثير من الأحيان مشروع تحرّكه رغبة الشاب فى الاستقرار ورغبة الفتاة فى الستر، وهى دوافع شريفة فى حد ذاتها لكنها وحدها لا تكفى لضمان السعادة، خاصة حين تلح على أحد الطرفين فتدفعه للإقدام على مشروع الزواج دون دراسة كافية للطرف الآخر، وأحيانًا بلا مجرد القبول النفسي له، وهذه كارثة تنفرد بها مجتمعاتنا.”
“لا أحب حمل الساعات أو لبسها أذ هى مجرد حلية فى بلادنا يعلقها الناس فى المعاصم باعتبارها نقودا متجمدة لوقت عوزة”
“عجزت أن أتبلد فى مواجهة تهتك الحياة. عجزت عن أن لا أشعر فى مراتٍ كثيرة بأننى فى المكان والزمان الخاطئين؛ ليس لأننى أفضل أو أحسن، بل لأن طباعي وأفكاري وطريقتي فى أن أحيا حياتي لا تناسب هذا المكان، ولا هذه اللحظة العصية من الزمان. إننى أكبُر، وأحسد كل من نجا من شرك الوعي الحاد.”
“يقدر أحد الناس على تناول أقراص من الخبز، وارتداء ألبسة من الخيش، والانزواء بعد ذلك فى مكان خرب أو عامر يعبد الله كما يرى.والبيئة التى يوجد فيها هذا الصنف من الناس ربما لا تتطلب أكثر من رحى للطحن، ومغزل للنسيج، وعدد من الأشغال التافهة هى التى تمثل " فروض الكفاية " فى مجتمع ساذج.لكن الإسلام لا يصلح فى هذه البيئة، ولا تعاونه أدواتها على السير، ولا على مجرد البقاء.لو كان الإسلام رهبانية صوامع ربما أنزوى فى جانب منها واكتفى بأى لون من العيش، ولكنه دين يبغى الاستيلاء على الحياة، وإقامة عوجها ومحاربة طواغيها.”
“أم تحسب السلطة أنها بإزهاقها أرواح الناقمين والمتمردين والثائرين إنما تُمكن لعرشها، وتمد فى عمرها ، وتزهق فى الواقع روح النقمة والتمرد والثورة ،وتقضي على الزعازع التى تهب عليها من حين إلى حين ؟ذلك لعمرى هو الجهل المطبق والعمى الذي ما بعده عمى.ففى إستطاعتك ، إذا صفت نيتك واستقامت حجتك ،أن تمحو العداوة من قلب عدوك مادام حياً .أما متى أرديته برصاصة فقد جعلت من العداوة التى فى قلبه صلاًّ لا ينفك ينهش قلبك .فالقلوب تتوقف عن النبض عند الموت أما الأحقاد والضغائنالتى كانت تعمر بها فى الحياة فتنساب فى الأرض وفى الفضاءانسياب الريح والنسيم .وترد الكيل كيلين للذين أثاروها فى القلوب التى كانت تسكنها قبل الموت .وهذه الأحقاد والضغائن هى التى تقضي فى النهاية على كل سلطة قامت بحد السيف وعاشت فى حماية رصاصة”