“قد يعتقد المسلمون اليوم أنّهم لو كانوا يعيشون في زمان الدعوة لدخلوا فيها حالما يسمعون بها. ولست أرى مغالطة أسخف من هذه المغالطة.يجب على المسلمين اليوم أن يحمدوا ربهم ألف مرة لأنّه لم يخلقهم في تلك الفترة العصيبة. ولو أنّ الله خلقهم حينذاك لكانوا من طراز أبي جهل أو أبي سفيان أو أبي لهب أو لكانوا من أتباعهم على أقل تقدير، ولرموا صاحب الدعوة بالحجارة وضحكوا عليه واستهزأوا بقرآنه ومعراجه.تصور يا سيّدي القارئ نفسك في مكة أبان الدعوة الإسلامية، وأنت ترى رجلاً مستضعفاً يؤذيه الناس بالحجارة ويسخرون منه، ويقولون عنه إنّه مجنون. وتصور نفسك أيضاً قد نشأت في مكة مؤمناً بما آمن به آباؤك من قدسية الأوثان، تتمسح بها تبركاً وتطلب منها العون والخير. ربّتك أمك الحنونة على هذا وأنت قد اعتدت عليه منذ صغرك، فلا ترى شيئاً غيره. ثم تجد ذلك الرجل المستضعف يأتي فيسب هذه الأوثان التي تتبرك بها فيكرهه أقرباؤك وأصحابك وأهل بلدتك وينسبون إليه كل منقصة ورذيلة. فماذا تفعل؟ أرجو أن تتروى طويلاً قبل أن تجيب عن هذا السؤال.”
“-قد يعتقد الكثير من المسلمون اليوم أنهم لو كانوا يعيشون في زمان الدعوة الأسلامية لدخلوا فيها حالما يسمعوا بها . ولست أرى مغالطة أسخف من هذه المغالطة .. يجب على المسلمين اليوم أن يحمدوا ربهم ألف مرة لأنه لم يخلقهم في تلك الفترة العصيبة تصور أنك سيدي القارئ نفسك في مكة أبان الدعوة الأسلامية , وأنت ترى رجلاً مستضعفاً يؤذيه الناس بالحجارة ويسخرون منه , ويقولون عنه أنه مجنون . وتصور نفسك أيضاً قد نشأت في مكة مؤمناً بما آمن آباؤك من قدسية الأوثان , تتمسح بها تبركاً منها العون والخير , ربتك أمك على هذا منذ صغرك , فلا ترى شيئاً غيره , ثم يأتي الرجل المستضعف فيسب أوثانك التي تتبرك بها , فيكرهه أقرباؤك وأصحابك وأهل بلدتك وينسبون إليه كل منقصة , فماذا ستفعل .. ؟ أرجو أن تتروى طويلاً قبل أن تجيب على هذا السؤال ... ”
“و من الحوادث الجزئية التي قد يستأنس بها أيضاً على حجية القياس أن جارية قالت لرسول الله صلى الله عليه و سلم: إن أبي أدركته فريضة الحج، و هو شيخ زَمٍنً لا يستطيع أن يحج، فإن حججتُ عنه أنيفعه ذلك، فأجابها عليه السلام: (أرأيت لو كان على أبيك دينُ فقضيته عنه أكان ينفعه ذلك؟ (قالت: نعم، فقال: (فدَيْنُ الله أحقّ بالقضاء).أما أقوال الصحابة و أفعالهم المؤيدة لصحة العمل بالقياس فمن أهمها أن المسلمين قاسوا خلافة أبي بكر على إمامة الناس في الصلاة، و قاسوا قتال مانعي الزكاة على تاركي الصلاة.”
“الأديب :إن كل تعاريف الأدب التي يتمسك بها الأكاديميون لا تهمني في شيء .. كل ما أثق به أن الأديب الحق هو من لديه القدرة على أن ينتزعك من غرفتك وأنت تقرأ له ؛ ليضعك في عوالمه الخاصة ..أو قد ينجح هو ببراعته في أن ينسرب إليك ويشكل جزءً من عالمك الخاص !”
“فلا ينبغي التركيز - إذن - على عبقرية فرد موهوب تبعثه العناية الإلهية ليملأ الأرض عدلا كما مُلئت ظلما وجورا، أو يجدد للناس دينهم الذين انحرفوا عن صراطه فقها أو عملا. وقد كتبتُ بحثا ضافيا في حديث أبي داود الذي يرِد على كثير من الألسنة والأقلام: "أن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها" وهو حديث صحيح، ولكن معظم الشراح مالوا إلى أن "مَن" في قوله "مَن يجدد" للمفرد، وظلوا يبحثون لكل مائة سنة عن مفرد علم مشهور بعلمه وفضله ليكون هو مجدد القرن. والذي انتهيت إليه أن "مَن" تصلح للجمع كما تصلح للمفرد، بل هي في الحديث أولى أن يراد بها الجمع، فليس بالضرورة أن يكون المجدد فردا واحدا، بل قد يكون جماعة لها كيانها الواحد - أو قد تكون متفرقة في البلدان - كل واحد فيها قائم على ثغرة يحرسها، في ميادين الفكر أو العمل أو الدعوة أو التربية أو الجهاد أو غيرها. وبهذا يكون سؤال المسلم: ما دوري في حركة التجديد؟ بدل أن يكون كل همه أن يسأل: متى يظهر المجدد؟”
“تذكرت ما يقال عن وسائل تعذيب المسجونين في مصر ، منها تلك الوسيلة الغريبة التي يأتون فيها بالمسجون السياسي ، الذي قد يكون من كبار رجال الرأي في مصر ومن أكثرهم تمتعا باحترام الناس خارج السجن ، ويأتون له بجندي من جنود السجن ضخام الجثة مفتولي العضلات ، وهو يحمل في يده سوطا أو عصاة غليظة ، واذا بهذا الجندي يأمر المفكر أن يهتف بأعلى صوته " أنا امرأة" فاذا رفض السياسي الكبير ان يعترف بأنه امرأة انهال عليه الجندي بالضرب مكررا عليه الأمر " قل أنا امرأة "كنت قد سألت نفسي أول مرة سمعت هذا الأمر ولازلت أسأل نفسي : لماذا يعتبر هذا التعذيب شديدا قاسيا على النفس ؟ الجملة نفسها قد لا تبدو على هذه الدرجة الهائلة من الخطورة ، فليس هناك خطر حقيقي على رجولة الرجل ان يقول أنه امرأة ، والمرأة نفسها ليست جنسا أقل شأنا من جنس الرجل أو أدنى مرتبة . فلماذا هذه المقاومة والرفض للنطق بها ؟الأمر لا يزيد عن الآتي : هل تقبل المهانة أم لا تقبل بها ؟ انك قد تقول العبارة مازحا بارادتك ولا تحفل بها أو تجد غضاضة في قولها ، ولكنك تفضل الموت على أن يجبرك أحد على قولها . هذا هوا بالظبط الشيء الرائع في احساس المرء بكرامته ، وهذه خطورة العبث بها . فأنت تجد في النطق بها رمزا لتسليمك المطلق ، ورضاك الكامل بالذل ، واستسلامك لمشيئة الآخرين ، واعترافك الكامل انك من الآن فصاعدا ستفعل ما تؤمر به ، أي تتنازل عن آدميتك. أنت تعرف انك لست امرأة ، وهو يعرف انك لست امرأة . ولكن قبولك مع ذلك في ان تأتمر بأمره في ان تجعل الباطل حقا والحق باطلا ، هو اعلانك على الملأ أنك قد أصبحت بلا إرادة.”