“هدهدوا نومهم..لاتوقظوا هذا الليل، دعوه ينام وسط الظلام، وحيكوا حوله وعليه، قصصًا مرعبة، كي لايجرؤ أحد على الإقتراب منه.لاتوقظوا هذا البكاء .. لم ينم منذ ستة أسابيع، وما مات بعد، هو فقط أنهكه الدمع ويريد أن يستريح قليلًا قبل أن يستأنف تيهه.لاتوقظوا هذا الموت، فقد تجرعت منه مايكفي لأن أُبعث ثانية بأقل دهشة من الحياة..لاتوقظوا الذاكرة، دعوها تنام، ففيها مايتسع..لهاوية لاقرار لها!!”
“هذا ضباب كثيف . . رؤية غائمة .. وأرواح يعتريها التيه..لا أحد هنا يا أصحاب ..كلهم يحبذون الاختفاء ..لا يريدون من يذكرهم بأيامهم القديمة ، بعد أن حققوا انتصاراتهم .. ويفضلون ان يموت الجميع قبل أن يخرج إليهم وجه قديم .. يذكرهم بالزمن الحالك ..”
“أحاول أن أجس الذاكرة الممتدة على طول هذا العمر ..فلا يرتد لي نبض ولا صدى..سنواتي الأولى بلا ذاكرة ..وسنواتي المتأخرة بلا حلم .. !!”
“ولأن الرسائل لا تأتي و لأن خطى سعاة البريد تثاقلت كثيراً قبل أن تترهل أجسادهم بما يكفي لئلا يصلوا أبداً و لأن وقتي غدا أطول من الانتظارات،فقد قررت أن أمضيه في اختلاق المواعيد..مواعيد نهاية لمشاريع لم أبدأ بها بعد:آخر موعد للعثور على غريب يبحث عني آخر موعد لمفاجأة عيد ميلاد متأخرة آخر موعد للحلم ، آخر موعد للموت”
“كل الوجوه.. مسافرة.. أو على شفا سفر..تلح بإصرار غريب على ترك مساحات الذاكرة نظيفة من غير أثر. كنت أظن أن وجهه هو الوحيد الذي تقاعدت ملامحه عن الظهور، حتى أدركتُ بأن الصناديق و الأشرطة السوداء لا تهدر بغير بياض صاخب.بعد محاولات منهكة، و فاشلة في إظهار تفاصيل تلاشت قبل أن توجد. تقلدت آلتي، و مضيت أحرث في دروب قحلت من خطاي منذ زمن بعيد.”
“نم يا حزن، ليس في الصدر متسع.. وما في الساعة مكان لوقت آخر..نم، ولا تفزع من طرقات آخر الليل على نافذتك، ولا تخش الصمت الساكن في مفاصل الليل.. نم يا حزني الصغير، نم ولي معك موعد في زمن لم يأتِ بعد..”
“من يصنع الأشياء الصغيرة التي توقد الدهشة؟من يلمس التفاصيل الغائبة وسط سطور رواية بليدة؟من يكتشف الوجوه التي أخفتها تجاعيد زمن طويل؟من الذي يقتل ملل هذا اليوم المتناسل؟”