“سعيدة هي بأن تضع على هيكل رجولته القوية و إيمانه الوطيد الأركان قربانا من عجين نفسها الطيع، ينضج ويحترق على أحجار جسمه المتقدة بنار عذابه العميقة”
“على شطّ النيل صفوف ممتدة من المرضى على الأرض، تنتقل بينها أشباح الرجال، تكاد تتهاوى لولا وقفة أخيرة من العزم وإرادة النجاة. النيران لا تكاد تدفئ الأوصال المرتعدة بالحمى، الأنين الطويل الغائب عن الوعي يترامى في الهواء، فيه يأس و نداء لا يسمعه و لا يلبيه أحد”
“نشبت النار بشراع المراكب المنسحبة، وتساقط من على صواريها أشباح الرجال يطسّون الماء ويرتطمون بجدران السفن، والألسنة الدقيقة تلعق الأخشاب و تتراقص و ترتفع و تتناثر بسرعة خاطفة، فإذ مواقد مليئة باللظى المتأجج المضطرم تتقلب في النيل، و الصفوف الممتد على الشطّ تتهاوى و تسكن فيها كل حركة، وحشود الهاربين تحصدهم السيوف..و تطيح بهم الخيول”
“حرصهم على مجرد البقاء أحياء جمّدَ فيهم خصائص الحياة”
“وتقلع السفن واحدة بعد الأخرى، في الظلام، حصونا مترنحة يطويها الأفق، مثخنة بالجراح التي تطأ قلوب الرجال وسطوح المراكب على السواء”
“قال لنفسه : لن يسحقني هذا الشوق,لن تغرقتني موجته التي ترتفع,وتغمرني,كموجة من الدموع لتي تصعد بي,و تسقط.لن أترك المياة المتراطمه تطويني في غمرتها,و تملأعيني بهذا الملح الحار,أشهق بالصرخة التي تسدها الماء.ولكن الأرادة,والنية المعقودة,ليست لهما الكلمة الأخيرة”
“لا تهويم ولا نعاس هناك، و إنما الكلال و الرهق الخامد المستمر الذي ضاع فيه سياق الزمن ومعناه”