“ثم قادتنى أفكارى الى مشهد شاهدته يوما فى تونس لجمل مغمض العينين يدور دون توقف فى ساحة (سيدى بوسعيد) ليستخرج الماء من بئر أمام متعة السواح ودهشتهماستوقفنى يومها عيناه اللتان وضعوا عليهما غمامة ليتوهم أنه يمشى الى الأمام دائما ويموت دون ان يكتشف أنه كان يدور فى حلقة مفرغة ..وأنه قضى عمره دائرا حول نفسهترانا أصبحنا ذلك الجمل الذى لا يكاد ينتهى من دورة حتى يبدأ اخرى تدور به بطريقة أو باخرى حول همومه الصغيرة اليومية ؟!”
“مات فى الستين من عمره دون ان يعش...رغم ان منزله كان مطل على الحياة”
“يبدو ان الزواج لعنة أبدية ، كلما ظن عاشقان أنهما أذكى أو أفضل حظاً من الآخرين اتضح أنهما أحمقان .. لابد من خلاف فى الرأى يتصاعد الى شجار .. لابد من أن تخرج الضغوط اليومية بخارها حين تنفرد برفيق حياتك .. فقط لتكتشف فى أسى أنه لن يقبل منك ما لم يقبله الآخرون .. وهنا ينشأ ثقب فى العلاقة .. يتسع”
“وخيل لحمزة أن نظرته الى الناس تغيرت بل لابد انها تغيرت ولابد انه كان مخطئا الى حد ما فى استيعابه للجماعة البشرية كان يؤمن ان الناس تتطور ولكنه يدرك الآن أنه كان يرى ذلك بطريقة آلية ان فهمه للناس كان شيئا كهذا:المجتمع يكون كسرا اعتياديا له مقام بالملايين وبسط يعد بالآحاد أو العشرات وأن المجتمع يتطور بتناقص البسط مع المقام كل اضافة للبسط على حساب المقام وكل اضافة للمقام تنتزع انتزاعا من البسط وأن الأنسانية ستظل فى عذاب وحروب حتى يطاح بالملوك والأبسطة وتتحرر المقامات وتصل البشرية الى مجتمع الواحد الصحيح أنه يدرك الآن أن فهمه ذاك كان ناقصا ان الناس ليسوا أرقاما ولارادتهم ولعواطفهم دخل فى تطورهم المحتوم....ان الناس ليسوا أحاد وعشرات لا تملك الا ان تتكاثر وتتناقص وتصنع التاريخ بحركتها ولكن الناس زهرات الحياة اليانعات فيهم أرق مابدعته الحياة من احساس وأثمن ماأستطاع التاريخ أن يضفيه على البشر من عواطف وأن الأنسان يمضى فى الحياة وحوله هالة من أحاسيسه وعواطفه وأفكاره لها قدسيتها ولها هى الآخرى قوانين ووجود”
“الحب من النظرة الأولى هذا مستحيل الحدوث .الحب كزحف الصحراء كتحول العالم من الخريف الى الشتاء بطيء وغير محسوس لكنه يحدث ويستمر فى الحدوث دون لحطة توقف واحدة يخمد ثم يتوهج تنتابه لحظات مد وجزر .”
“«من قوانين الكون التى تحكم الأجرام والأفلاك كلها ، أن الصغير يتبع الكبير ويدور حوله .. فنرى الأرض تتبع الشمس وتدور حولها .. كما نرى القمر يدور حول الأرض ويتبعها .. كما نرى المجموعة الشمسية كلها تدور حول المجرة .. وهكذا دواليك .. الأصغر يتبع الأكبر. ونفس الشيء فى الذرة ، فالإلكترون المتناهى فى الصغر يدور حول نواة الذرة الأكبر منها .. ولا يتخلف هذا القانون أبداً .. بل نراه يعمل فى الأسرة والمجتمع والتاريخ .. فالأمم الضعيفة تدور فى فلك الأمم القوية .. والأخوة الصغار ينقادون للأخ الأكبر .. والمرأة تدور فى فلك الرجل .. والأب هو المجال الكبير الحاكم ينقاد له الأولاد ويدورون حوله.هذا القانون الفيزيائى هو أكثر من مجرد قانون فهو دين ونظام ، فإذا رأينا فى هذا الزمان سقوط هيبة الكبار ، وتمرد الأبناء على الأباء ، وهيمنة النساء على الرجال ، وتطاول الرعاع على الصفوة ، فإن هذا إيذان بانهيار العمارة الكونية كلها وسيادة مبدأ الفوضى»”