“أن تغيير المنكر، وهو مطلوب من الأمة، لا يعطى هذا الحق كل إنسان! لأن تعريف المنكر نفسه، يختلف فيه الغوغاء مع الفقهاء.. فقد يرى بعض الناس أن تصوير شخص فى ورقة معصية وكبيرة من الكبائر، وإن امرأة كشفت وجهها جريمة.. لابد من وضع حدود ليعلم كل إنسان الدائرة التى يمكن أن يؤدى فيها واجبه الدينى”
“أن المنهج قائم، وهو الكتاب والسنة.. ويكاد يكون عدد كبير من الناس يرون أن الحل الأول والأخير تبعا لمالك فى كلمته، وهو حديث مشهور: 'تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما كتاب الله تعالى وسنتى.. ' المنهج من الكتاب والسنة، لكن هناك بعض الناس يأتى ويأخذ من صورة عاد: (وإذا بطشتم بطشتم جبارين) ويعيب على الملوك فى عهده أنهم جبابرة ! من قصص القرآن آخذ الفكر العام: ألا يكون الحاكم جبارا، وألا تكون السلطة قاهرة بمثل تلك الطريقة.. وآخذ أيضا من قوله تعالى: ( أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض ) ضرورة أن الإسلام متكامل، لا يقوم بعضه فى غيبة بعضه الآخر، ولابد من هذا التماسك.. كلمة عمر رضى الله عنه عن حقوق الإنسان، والتى هى أول بند فى ميثاق الأمم المتحدة، لم يرتبها، ولم يجلس لصياغتها، وإنما استمدها من المناخ الذى وضعه فيه القرآن : (متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا)، ونتيجة لتجاوبه مع القرآن وفهمه له.. انطلاق أبى بكر لضرب الفرس والروم، انطلاق من أن سطوة الحق فى نفسه، دلته على أن الباطل لا يمكن أن يحكم بهذه الطريقة، وعرف رسالة الأمة العالمية، ومعنى أن محمدا ـ صلى الله عليه وسلم ـ رحمة للعالمين، أى أن يهدى هذه الشعوب التى حولهم، إلحاق الرحمة بها، وفك إسارها، وإخراجها من السجن الكبير الذى تعيش فيه.. المنهج هو المنهج.. القرآن هو القرآن لكن، إلى الآن، أين المتدبرون؟”
“أصل كل معصية وغفلة وشهوة الرضا عن النفس، وأصل كل طاعة ويقظة وعفة عدم الرضا عنها، لأن تصحب جاهلا لا يرضى عن نفسه خير لك من أن تصحب عالما يرضى عن نفسه فأى علم لعالم يرضى عن نفسه؟ وأى جهل لجاهل لا يرضى عن نفسه "؟”
“فى الخطاب الموجه للسلطان، هل للفرد فيه نصيب؟ أنا أقول فيه نصيب ـ من وجهة نظرى ـ ليس نصيبا تطبيقيا تنفيذيا.. وقوله تعالى: والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله.. أنا كفرد، مخاطب فيه أيضا، لكن ما هى حدود الخطاب بالنسبة لى؟ حدود الخطاب بالنسبة للحاكم هى إنفاذ الأحكام، لأن الأمر فى وسعه.. أما أنا، طالما ليس فى وسعى إنفاذ الأحكام، فنصيبى من الخطاب أن أعمل، وأن أجتهد فى إيجاد السلطة الغائبة، ومعاونة الحاكم المسلم ـ إذا كان موجودا ـ فى إنفاذ الأحكام. إذا كان عندنا للقاضى شروطه وصفاته ـ كما هو معروف ـ وللقضية المقضى بها، وللشهود والبينات والقرائن مواصفات أيضا، وهو باب طويل قد لا يصل إليه إلا نماذج معينة من. الناس، فكيف يمكن أن نسلم مثل هذه القضية لناس غير مؤهلين لها من الرّعاع، فتنقلب الحياة الإسلامية إلى لون من شريعة الغاب، والتناقضات، والاضطراب، والفوضى، وما إلى ذلك.. أنا أردت من كلمة 'الخطاب القرآنى للإنسان ' أن لكل إنسان نصيبه من هذا الخطاب.. الحاكم له نصيبه، والفرد له نصيبه”
“اسمع إلى أبى بكر بعدما ولى الخلافة يقول: ' أمَّا بعد.. فإنى قد وُلِّيت عليكم ولست بخيركم، فإن رأيتمونى على حق فأعينونى، وإن رأيتمونى على باطل فسددونى، أطيعونى ما أطعت الله فيكم، فإذا عصيته فلا طاعة لى عليكم. ألا إن أقواكم عندى الضعيف حتى آخذ الحق له، وأضعفكم عندى القوى حتى آخذ الحق منه.. أقول قولى هذا وأستغفر الله لى ولكم ' أ. هـ. وجاء فى خطبة لعمر بن الخطاب:' اعلموا أن شدتى التى كنتم ترونها ازدادت أضعافا على الظالم والمعتدى، والأخذ لضعيف المسلمين من قويهم.. فاتقوا الله وأعينونى على نفسى بالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وإحضارى النصيحة فيما ولانى الله من أمركم. أيها الناس: إنه لم يبلغ ذو حق فى حقه أن يطاع فى معصية اهذا هو وضع الحاكم المسلم فى الدولة المسلمة. رجل من صميم الأمة يطلب أن يُعان على الحق وأن يمنع من الباطل، ويرى السلطة المخولة له سياجًا للمصالح العامة لا مصيدة للمنافع الخاصة ولا بابًا إلى البطر والطغيان. وذلك هو أدب الإسلام الذى خط مصارع الجبابرة فى الدنيا وحط منازلهم فى الآخرة. (تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين)”
“والتوبة ـ فى نظر الإسلام ـ جهد لابد أن يقوم كل إنسان به، ولن يغنى عنك أحد أبدا فى أدائه.إذا اتسخ ثوبك فلن ينظفه أن يغسل جيرانك ثيابهم.وإذا زاغ فكرك، فلن يصلحه إلا أن يهتدى هو إلى الصواب.واستحقاق الرضوان الأعلى لا يجئ إلا من هذه السبيل، فلا قرابين، ولا شفعاء.(من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه و من ضل فإنما يضل عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى).”
“من المؤسف أن بعض الناس يقع على السيئة فى سلوك شخص ما فيقيم الدنيا ويقعدها من أجلها ، ثم يعمى أو يتعامى عما تمتلئ به حياة هذا الشخص من أفعال حسان وشمائل كرام”