“شَكَتْ لي أنّها وترٌ حزينٌ وأنَّ كمانها ما عادَ يشدو ! وأنَّ ذبولَها يُعيي المرايا على الخدّينِ مقبرةٌ ووردُ وأنَّ هلالها الولدُ الصغيرُ يشيخُ .. كأنّهُ في العمرِ جَدُّ ! يعزّي الناظرينَ إذا رأوها بقايا حمرةٍ ذابتْ وخَدُّ وقد أعيت كؤوسَ الثلجِ دفئاً فأعياها بعيدَ الدفءِ بردُ .. توجعَ شاطئٌ سارت عليهِ .. وبللَ خطوها الموجوعَ مَدُّ تجفُّ الروحُ ليسَ الماءُ يحيي سنابلَ قلبها والطينُ صَدُّ أقول لها : أقلّي الحزنَ ليلى تقولُ : لصبرنا في الحبِّ حدُّ .. !!!”
“كم أنني أشتاقُ لي .. في انتظارِ الظامئينَ لغيمةٍ مرّتْ كأمٍّ لا تجفُّ إذا احتوتْ أطفالَها وبظلِّ بائعةٍ تحاولُ أن تبيعَ الوردَ حين تغافلَ النسيانُ لم يسألْ على أحوالها ! كم أنني أشتاقُ لي .. في صمتِ عازفةٍ تغنّي دونَ صوتْ .. تهتزُّ أشجارُ الطبيعةِ كلّها وكأنّها تصغي لِمَا غنّتْ , فبعضُ الجرحِ لا يُشفَى إذا غنيَتْ ! يزدادُ ملحُ البحرِ حين يزورهُ الفقراءُ دونَ ملاءةٍ أو زيتْ .. ! يزدادُ نزفكَ في هدوءِ العابرينَ على ارتعاشكَ دونَ أن يدروا بأنّكَ أنتْ .. ! كم أنني أشتاقُ " لي ”
“يا ربِّ إنّي اشتقتُ لَكْ .. ياربِّ هذا القلبُ لكْ .. ياربَّ إنْ أخطأتُ فاصفحْ ياربِّ هذا الملحُ يجرَحْ .. ياربِّ إنّي قد تذوقتُ العناقيدَ التي في الشعرِ حينَ أذقتني إياها .. كنتُ اختلفتُ عن الذينَ تأمّلوا في الغيمِ , عن كلِّ الذينَ رأيتهم يمشونَ صبحاً في الطريقْ لم أمشِ يوماً في الصباحِ وحيدةً إلا ويأسرني الشرودْ .. ما اخترتُ يا ربّي القصيدةَ منزلاً إلا لأكسرَ ما يُسَمَّى بالحدودْ .. قد كنتَ وحدكَ تعرفُ الروحَ التي جمحتْ وأرهقها الصدودْ .. قد لا أسافرُ قد أسافرُ ذاتَ يومٍ قد أغيبُ وقد أعودْ .. ! يا ربِّ وحدكَ عارفٌ بالأمنياتِ بكلِّ ما في الصدرِ من وجعٍ وحُبّْ .. وبكلِّ ما في الدربِ من سهلٍ وصعبْ .. ياربِّ هذا القلبُ لَكْ .. ياربِّ إني اشتقتُ لكْ ما كان ذنبي أنَّ هذي الروحَ جامحةٌ وأنَّ القلبَ شاعرْ .. ما كانَ ذنبي أننّي حدّقتُ في جرحي وقدّستُ المشاعرْ .. ما كان ذنبي أننّي أحسستُ أكثرْ وبكيتُ أكثرْ .. ياربِّ هذا القلبُ لكْ ياربِّ إنّي اشتقتُ لكْ”
“أنا كيفَ لا أهواهُ ؟ والحبُّ اشتعالُ الروحِ مذ بدأتْ تخاليقُ النطفْ حتّى النخيلُ يحنُّ لو يدرِ النخيلُ لشدّهُ من ثوبهِ حينَ ارتجَفْ يبكي إليهِ الجذعُ منكسراً وكَمْ في صدريَ المشتاق من جذعٍ نزَفْ ! لو لم يكن في الأرضِ إلا خطوهُ لكفى الجياعَ قليلُ أوراقِ السعفْ ! لو أنّهم يدرونَ ؟ كم من غيمةٍ هرعت إليهِ تظلّهُ حين انعطَفْ كيف استطال سجودهُ , خوفاً عليهِ من الوقوعِ صغيرُ ابنتهِ الأخَفْ ترك الحسينَ وقد تعلّقَ فوقَهُ خشيَ الوقوفَ وقد أظنّوه أزفْ لكنّهُ القلبُ الذي في جوفهِ رجلٌ على كلِّ الخليقةِ قد عطفْ ماذا أقولُ لهُ : حبيبي ؟ بلْ أرقُّ عليَّ حين أضيقُ من مطرٍ ندَفْ ولكَم أتوقُ لرشفةٍ من كفّهِ يروى الفؤادُ إذا براحتهِ ارتشفْ !”
“سلامٌ على سُلَّمٍ خشبيٍّ أثارَ حفيظةَ صَمْتِ الحديدْ وكلُّ وليدٍ بنا ثائرٌ وكلُّ شهيدٍ بنا كالوليدْ سلامٌ على تمتماتِ الرياحِ فليست تُجَنُّ , وليست تَحِيدْ وتقرأُ همسَ المآقي لها فتحملُ من حَرْمِ القُدْسِ ( عيدْ ) سلامٌ عليها وقد أينعتْ كتينٍ شهيٍّ بكفِّ الشريدْ تحنُّ القلوبُ لها مُذْ عرفنا طقوسَ القرابةِ ليستْ جليدْ وإنْ وضعوا بندقيّةَ زيفٍ على كلِّ رأسٍ وفي كلِّ جيدْ وإن صنعوا ألف جُدْرٍ كهذا وإن طوّقونا بطَوْقٍ شديدْ بلادي نحبّكِ وصلاً وبُعداً يحاصرنا في ممرِّ الوريدْ .. !”
“طريقتنا في الكلامِ غناءْ تأرجحنا في القصيدِ " بكاءْ " على سعةِ الأرضِ في لحظةٍ قد تضيقُ علينا على ضيقِ أوراقنا في الكتابةِ تحنو علينا .. !”
“وانهمرتَ الآنَ قربي حاملاً في الكفِّ " نايا " كالرُعاةِ الحالمينَ كعاشقٍ يخشى بُكَايا .. عارفاً بعظيمِ حبّي كاشفاً سِتْرَ الخفايـــــا ليسَ سرّاً أنْ أحبّكَ أنْ أُسمّيكَ " هوايا " إذْ تمرُّ , تمرُّ رطباً والحرائقُ في دِمَايا .. يا شتاءَ العاشقينَ ليسَ رفقاً بالحنايا بل بقلبِ الشعراءِ وبذاكرةِ الزوايا كيف تفعلُ كلَّ هذا بأحاسيسِ البرايا .. ؟ كيف تشعلُ شمعةً وتثيرُ أحزانَ الصبايا .. كيفَ تغوينا لنفتحَ كلَّ أقفالِ النوايا .. ؟ كيف تجعلُ كلَّ هذا الوردِ ينمو في الخلايا .. ؟ وانهمرتَ الآنَ قُربيْ تاركاً بعضي " شظايا " .. إذْ تمرُّ , أحسُّ قلبي طيّباً وبلا خَطَايا .. يا رفيقي لو عرفتَ الروحَ لم تعشقْ " سوايا " ..”