“في بلدٍ متخلفٍ يفرض الشيء طغيانه بسبب ندرته، تنشأ فيه عقد الكبت والميل نحو التكديس الذي يصبح في الإطار الاقتصادي إسرافاً محضاً، أما في البلد المتقدم وطبقاً لدرجة تقدمه : فإن الشيء يسيطر بسبب وفرته وينتج نوعاً من الإشباع.إنه يفرض حينئذ شعوراً لا يحتمل من السأم البادي من رتابة ما يرى حوله فيولد ميلاً نحو الهروب إلى الأمام الذي يدفع الإنسان المتحضر دائماً إلى تغيير إطار الحياة والموضة، أو يدفعه إلى الذهاب ليستنشق الهواء في مكانٍ آخر.(....)إن المجتمع المعدم يتفاعل مع الكلف بعالم الأشياء الذي لا يملكه، أما المجتمع المليء فإنه يتفاعل مع وساوس هذا العالم، ولكن مع هذين الإنفعالين فإن المجتمعين كليهما يواجهان الداء ذاته، فطغيان الشيء يختلف الشعور به، ولكن النتائج النفسية المنطقية واحدة. فالشيء يطرد الفكرة من موطنها حين يطردها من وعي الشبعان والجائع معاً.”
“تكسب الجماعة الإنسانية صفة (المجتمع)عندما تشرع في الحركة، أي عندما تبدأ في تغيير نفسها من أجل الوصول إلى غايتها. وهذا يتفق من الوجهة التاريخية مع لحظة انبثاق حضارة معينة.”
“ألا قاتل الله الجهل، الجهل الذي يلبسه أصحابه ثوب العلم، فإن هذا النوع من العلم أخطر على المجتمع من جهل العوام لأن جهل العوام بيّن ظاهر يسهل علاجه، أما الأول هو متخفّ في غرور المتعلمين”
“الأزمة الثقافية تنمو وتنمو معها أيضاً تنائجها من الحد الذي يمكن تداركه إلى الحد الذي يصبح فيه التعديل مستحيلاً أو لا يمكن إلا بثورة ثقافية عارمة تكون في الحقيقة بمثابة انطلاقة جديدة للحياة الإجتماعية من نقطة الصفر”
“فكرنا خاضع لطغيان الشيء والشخص, وهذا السبب سيختفي عندما تستعيد الأفكار سلطانها في عالمنا الثقافي. حينئذ فإن محاكمتنا للأمور بصفة عامة؛ وفي الإطار السياسي بصفة خاصة تأخذ أو تسترد طابعها المنهجي والمعمم؛ والذي يستطيع أن يصهر بدفعة واحدة عديداً من التفاصيل في كل موّحد, وأن يصبها في تركيب متآلف”
“عندما يتجسد المثل الأعلى في شخصٍ ما، فإن هنالك خطر مزدوج :فسائر أخطاء الشخص ينعكس ضررها على المجتمع الذي جسد في شخصه مثله الأعلى، وسائر انحرافات ذلك الشخص تترصد كذلك في خسائر، وتكون هذه الخسارة إما في رفض للمثال الأعلى الذي سقط، وإما في ردّةٍ حقيقية يعتقد عبرها بإمكانية التعويض عن الإحباط باعتناق مثلٍ أعلى آخر.إن خطر التجسيد قد وضعه القرآن صراحة في وعينا بقوله:( وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم)هذا التحذير ليس موجهاً هنا لتفادي خطأ أو انحراف مستحيل من الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكنه من أجل الإشارة إلى خطر تجسيد الأفكار بحد ذاته.”
“ففي الطور الذي يحدث فيه التغيير يصبح فيه الإنسان متناقضًا. فهو من جهة يهدم الماضي بيديه, ومن جهة أخرى يستشعر في ذاته ضغط ذلك الماضي وأثره”