“الدين لم يطالب الإنسان - من أجل أن يؤمن بالله - أن تفكر في الذات الإلهية التي يعجز عن الإحاطة بها , إنما طالبه بالتفكر في آيات الله التي تستجيش النفس بدلالاتها الواضحة على تفرد الله سبحانه وتعالى بالألوهية والربوبية فيؤمن الإنسان بالله الواحد الذي لا شريك له , ثم تستقيم حياته بمقتضى ذلك الإيمان .”
“القاعدة النظرية التي يقوم عليها الإسلام -على مدار التاريخ البشري- هي قاعدة : " شهادة أن لا إله إلا الله " أي إفراد الله - سبحانه- بالألوهية والربوبية والقوامة والسلطان والحاكمية .. إفراده بها اعتقادا في الضمير، وعبادة في الشعائر، وشريعة في واقع الحياة. فشهادة أن لا إله إلا الله، لا توجد فعلا، ولا تعتبر موجودة شرعا إلا في هذه الصورة المتكاملة التي تعطيها وجودا جديا حقيقيا يقوم عليه اعتبار قائلها مسلما أو غير مسلم.”
“ليس صحيحاً أن علينا التنازل عن اهتمامنا بالروح إذا كُنا لا نقبل عقائد الدين , ذلك أن المحلل النفساني في وضع يسمح له بدراسة الإنسان عبر الدين وعبر نسق الرمز اللادينية , وهو يرى أن المسألة ليست هي عودة الإنسان إلى الدين والإيمان بالله , بل هي أن يحيا في الحب ويفكر في الحقيقة”
“والواقع أن الإنسان الذي يريد أن يتأمل مواجهةً مجد الله على الأرض، لا بد له من أن يتأمل هذا المجد في الوحدة.”
“إن أمراض التدين تقع بين المتدينين لا ينجو منها إلا من عصم الله، وأمراض التدين تكون ناشئة عن حب الجدل واتباع الهوى أو الانقياد إلى شهوة من الشهوات، فتجعل الإنسان يحكم هواه في هدى الله فيفهمه فهما رديئا، وطبعا الاختلافات ليست متساوية، فهناك اختلافات في الأحكام التي تكون على هامش العقيدة، وهناك اختلاف في الأحكام التي تكون فرعية، ليست لدى المسلمين اختلافات عقائدية -كما تسمى الآن- فكلهم يؤمن بالله الواحد وبرسالة محمد وبلقاء الله وبالأركان الخمسة، فلا أظن أن أحدا من هؤلاء يكون فرقة في النار باختلافه فيما وراء هذا، إنما النية تدخل بيقين في الحكم على الإنسان، فإن الجدل يمزق ما بين الأصدقاء فكيف ما بين العوام؟ الجدل الذي لا معنى له،وفي الحديث "ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل"، ورأيت بنفسي أن بعض الأصدقاء يتجادلون فيفسد الجدل ما كان بينهم، والمقصود أن كلا منهم يشبع رغبته في أن ينتصر ويغالب الآخرين، فإذا دخل هذا في دين الله فإنه يفسده".”
“إن كانت الخطيئة خروجاً عن حدود الله فلله وحده أن يعاقب عليها ، وليس لخاطيء أن يقتل خاطئاً مثله وإن اختلفت درجات الخطيئة ، إنما يكون ذلك للمعصومين من الخطيئة ولهم وحدهم أن يحكموا على الناس . و من منا يدعى لنفسه العصمة؟! ، ومن يفعل ذلك فإنه يُعد معتديا على حق الله إذ يبيح لنفسه أن يعاقب على ذنوب علمها عند الله وحده وهو مرتكب لكثير منها ! إنما يجب على الإنسان أن يترك عباد الله له سبحانه وتعالى يعاقبهم على الذنوب بقدرته وعلمه الواسع ، فهو على ذلك قادر دون حاجة إلى أي فرد منا لتنفيذإرادته .والناس يخلطون بين ما هو مخالف للدين وما هو مخالف للنظام .أما ما يخالف الدين فأمر الجزاء فيه إلى الله ، وأما ما يخالف النظام فأمر العقاب فيه إلى الناس ،على أن يكون العقاب باسم النظام لا باسم الدين .و الذين يدعمون النظام بالدين يخطئون في حق الدين فإن النظام من عمل الإنسان وهو ناقص ومؤقت وخاضع للتطور ،ولا يجوز ذلك على الدين . ثم إن النواهي الاجتماعية يجب أن تظل عملا إنسانيا خالصا يحميه الإنسان وليس من العدل أن نستتر وراء الدين لحماية النظام كما يفعل أكثر الذين يقسون في عقاب الخاطئين وما بهم من غضب للدين و لكنه حماية لنظام كله من عمل الإنسان ، وقد يكون خطأ أو صوابا .”