“ولا تقوم التقوى الا على ساق الصبر”
“يا عجباً من بضاعة معك, الله مشتريها منك, ثمنها جنة المأوى و السفير الذي جرى على يديه عقد التبايع و ضمن الثمن عن المشتري هو الرسول صلى الله عليه وسلم, و قد بعتها بغاية الهوان”
“يا مخنَّثَ العزم أين أنت ، والطريقُ طريقٌ تعب فيه آدم ، وناح لأجله نوح ، ورُمي في النار الخليل ، وأُضجع للذبح إسماعيل ، وبيع يوسف بثمن بخس ، ولبث في السجن بضع سنين ، ونُشر بالمنشار زكريا ، وذبح السيد الحصور يحيى ، وقاسى الضرَّ أيوب ، وزاد على المقدار بكاءُ داود ، وسار مع الوحش عيسى ، وعالج الفقر وأنواع الأذى محمد صلى الله عليه وسلم ، تزها أنت باللهو واللعب”
“وهذا عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، وعشقه مشهور لجارية فاطمة بنت عبد الملك، وكانت جارية بارعة الجمال، وكان معجبا بها، وكان يطلبها من امرأته ويحرص على أن تهيأها له، فتأبى، ولم تزل الجارية في نفس عمر، فلما استُخلف أمرت فاطمة بالجارية فأُصلحتْ، وكانت مثلا في حسنها وجمالها، ثم دخلت على عمر وقالت: يا أمير المؤمنين إنك كنت معجبا بجاريتي فلانة، وسألتَها فأبيتُ عليكَ، والآن فقد طابت نفسي لكَ بها، فلما دخلتْ بها عليه ازداد بها عجبا، وقال لها : ألقي ثيابك، ففعلت، ثم قال لها : على رِسلك، أخبريني لمن كنتِ ؟ ومن أين صرتِ لفاطمة ؟ فقالت : أَغرم الحجاجُ عاملا له بالكوفة مالا، وكنت في رقيق ذلك العامل، فأخذني وبعث بي إلى عبدالملك، فوهبني لفاطمة، قال: وما فعل ذلك العامل ؟ قالت : هلك، قال: وهل تركَ ولدا؟ قالت نعم، قال: فما حالهم ؟ قالت: سيئة، فقال شُدّي عليكِ ثيابك واذهبي إلى مكانك، ثم كتب إلى عامله على العراق: أن ابعث إليّ فلان بن فلان على البريد، فلما قدم إليه قال له : ارفع إلى جميع ما أغرمه الحجاج لأبيك، فلم يرفع إليه شيئا إلا دفعه إليه، ثم أمر بالجارية فدفعت إليه ثم قال له : إياكَ وإياها، فلعل أباكَ قم ألمّ بها، فقال الغلام: هي لك يا أمير المؤمنين، قال: لا حاجة لي بها، قال فابتعها مني، قال : لست إذا ممن نهى النفس عن الهوى، فلما عزم الفتى على الانصراف بها قالت : أين وجدك بي يا أمير المؤمنين ؟ قال: على حاله، ولقد زادْ. ولم تزل الجارية في نفس عمر حتى مات رحمه الله . ( من كتاب : "الداء والدواء" أو "الجواب الكافي" - إبن قيم الجوزية )”
“كيف تصلح حالك :هلم إلى الدخول على الله ، ومجاورته فى دار السلام بلا نصب ولا تعب ولا عناء ، بل من أقرب الطرق وأسهلها ، وذلك أنك فى وقت بين وقتين وهو فى الحقيقة عمرك ، وهو وقتك الحاضر بين ما مضى وما يستقبل ، فالذى مضى تصلحه بالتوبة والندم والاستغفار ، وذلك شيئ لا تعب عليك فيه ولانصب ولا معاناة ، وإنما هو عمل قلب ، وتمتنع فيما يستقبل من الذنوب ، وامتناعك ترك وراحة ، ليس هو عمل بالجوارح يشق عليك معاناته ، وإنما هو عزم ونية جازمة تريح بدنك وسرك .. فما مضى تصلحه بالتوبة ، وما يستقبل تصلحه بالامتناع والعزم والنية ، وليس فى الجوارح فى هذين نصب ولا تعب .. ولكن الشأن فى عمرك وهو وقتك الذى بين الوقتين فإن أضعته أضعت سعادتك ونجاحك وإن حفظته مع إصلاح الوقتين اللذين قبله وبعده بما ذكرت نجوت وفزت بالراحة واللذه والنعيم ،وحفظه أشق من إصلاح ما قبله وما بعده، فإن حفظه أن تلزم نفسك بما هو أولى وبها أنفع لها وأعظم تحصيلا لسعادتها .. وفى هذا تفاوت الناس أعظم تفاوت فهى والله أيامك الخالية التى تجمع فيها الزاد لميعادك إما إلى الجنة وإما إلى النار ، فإن اتخذت إليها سبيلا إلى ربك بلغت السعادة العظمى والفوز الأكبر فى هذه المدة اليسيرة لانسبه لها الى الأبد ، وإن أثرت الشهوات والراحات واللهو واللعب ،انقَضت عنك بسرعة وأعقبتك الألم العظيم الدائم الذى مقاساته ومعاناته أشق وأصعب وأدوم من معاناة الصبر عن محارم الله والصبر على طاعته ومخالفته الهوى لأجله”
“الرقية شفاؤها براقيها وقبول المحل، كما أنّ السيف بحدّيته وقبول المحل.”