“ومن حق كل وليد أن يجد من الكفاية الغذائية، والرعاية التربوية، ما يجده كل وليد آخر في الدولة. فإذا حدث أن كان دخل أبويه أو ظروفهما المعيشية لا تمكنهما من توفير هذه الفرصة له، فإن على الدولة أن توفر لهما هذه الظروف .. لا لحسابهما وحدهما كعضوين في هذاالمجتمع، بل لحساب هذا الوليد، الذي يصبح تكافؤ الفرص بالقياس له خرافة، إذا نشأ ناقص التغذية، أو مهملا في البيئة، بينما هناك ولدان آخرون محظوظون تتاح لهم هذه الفرصة دونه في الحياة.”
“ما الذي يمنعني من أن أكون طبيبا أو أديبا؟ أظن أن السبب لا يعود إلى حرماننا أو تيهاننا أو عدم الاستقرار في حياتنا، بل يعود إلى النزعة الخطابية السائدة التي عمت كل مكان - عبارات مثل : فجر الغد، بناء عالم جديد، حاملو مشعل الإنسانية .. فعندما تسمع هذا الهراء للمرة الأولى لا تتمالك من التفكير " يا له من خيال واسع، يا له من غنى! " بينما هو في الواقع يمثل هذه الفخامة لأنه عديم الخيال ومن سقط المتاع”
“أن تعبد الله مخلصاً له الدين, وهي المتلازمة الثلاثية التي تفسر معنى الإخلاص ومن ثم معنى النية, لا في الصلاة فقط, ولكن في الحياة كلها, أن تعبده مخلصاً له الدين, يعني أن رؤيتك للحياة تتطابق- أو تحاول أن تتطابق- مع سلوكك وعملك فيهما, وأن الدين لا يسكن على رفوف الكتب أو في رأسك فقط, بل مكانه الحقيقي يجب أن يكون فيما تفعله, وما تنتجه .. في أن تؤدي ما خلقت من أجله, على هذه الأرض ..”
“إن جميع مدارك الإنسان إنما هو وليد تصوراته، والتصورات إنما تتجمع في الذهن عن طريق نوافذ الحواس الخمس. وهذا يعني أن الإنسان لا يعقل من المجردات إلا ما كان له مقاييس ونماذج حسية في ذهنه، فما لم يسبق له في ذهنه أي نموذج أو مقياس فإن من المحال بالنسبة إليه أن يتصوره ويدركه”
“هناك مقولة تكرر الأيام إثبات صحتها، وهي أن مجتمعات القمع، القامعة والمقموعة، تولد في نفس كل فرد من أفرادها ديكتاتوراً، ومن ثم فإن كل فرد فيها، ومهما شكا من الاضطهاد، يكون مهيأ سلفاً لأن يمارس هذا القمع ذاته الذي يشكو منه، وربما ما هو أقسى وأكثر عنفاً، على كل من يقع تحت سطوته، فالمثل المحتذى متوفر أمامه كل يوم في من يضطهدونه، وهو شاء أم أبي يرى فيهم ما يمكنه أن يقلده، ولهذا يتبين أن الموظف الضعيف الهزء والمسخرة له أنياب لاتقل حدة وإيذاء عن أنياب من يهزؤون منه ويسخّرونه أو يسخرون منه، ولا تظهرهذه الأنياب، أنيابه، إلا حين تتاح له الفرصة للترقي الوظيفي، وحين يصبح آمراً على آخرين يستطيع أن يضرهم وينفعهم.”
“من الطبيعي أن تستغل كل الأطراف الخارجية التي لها مصالح حيوية في ليبيا أو تريد أن تنشئ لها مصالح في ليبيا,حالة فراغ السلطة الذي تترتب على انهيار نظام القذافي ... ومن الطبيعي أيضا أن تحاول هذه الأطراف إيجاد حلفاء وعملاء لهم في الداخل يحاولون النفاد من خلالهم لتحقيق هذه المصالح أو المطامع ولكن حين يقف الليبيون مع أنفسهم لا يستطيع أحد الوقوف ضدهم, وبالمثل فإن وقوف الليبيين ضد أنفسهم من خلال المشاحنات سواء بدواعي أطماع سياسية أو توجهات جهوية أو قبلية,هو الخطر الأكبر الذي يسهل على كل المتربصين بليبيا تحقيق مطامعهم ومخططاتهم.”