“ولعل انتشار العنف والإنتحار وشرب الكحول وإدمان المخدرات في البلاد المتقدمة تعبير عن إحتجاج الإنسان على هذا التنميط الذي يقضي على عالمه الجواني تماما وعلى حريته. بل لعل انتشار الإباحية في واقع الأمر إحتجاج على عملية التنميط، فآليات الإشباع الجنسي متاحة بشكل مذهل في المجتمعات الغربية، ومع هذا تتزايد الأفلام والكتب والمجلات الإباحية. فالإنسان التي تقمع حريته تماما يهرب من عالم التنميط إلى عالم فردوسي خالٍ تماما من أي حدود، عالم لا يماثل عالمه المتجانس المحكوم المضبوط، عالم من الفوضى الكاملة يحميه من عالم التنميط والضبط الكامل والواحدية المادية.”
“خلقنا في البدء أرواحا فالملكوت وكان ذلك في عالم الأمر في عالم الكلمات وقبل النزول إلى الأرحام.ثم أطلقنا وأعطانا براءة الوجود فهو "البارئ" كما يعطي الملك براءة الوسام لحامله فيصبح من حقه أن يحمله.ثم صور لنا قوالبنا المادية في الأرحام فهو "المصور".وتنزلت أرواحنا إلى الدنيا بالصورة التي أرادها.وتنزلنا من عالم الأمر عالم الكلمات الإلهية إلى عالم الخلق حيث أصبحت كل كلمة صورة وحيث أصبحت إرادة الله الروح جسدا يسعى.”
“لن تتحقق العدالة في هذه البلاد ، لذلك احلموا بها وهي تحل على الجلادين والقتلة والفاسدين ، ثم ارووا أحلامكم لأبنائكم كل ليلة ، لعلها عندما يكبرون تنتقل بشكل خرافي من عالم النوم إلى عالم اليقظة ..”
“النور لايشرق من الأشياء ذاتها. فليس هو صفة كامنة في” طبيعة” الأشياء. بل يفيض من كائن على آخر، ومن مرتبة على مرتبة، ومن عالم على عالم. إنه إشراق العالم العلوي على العالم السفلي، والعقلي على الحسي، والروحاني على الجسماني، واللطيف على الكثيف، أي النوراني على الظلماني.”
“-الذي نراه نحن موتاً , وخروجاً من هذه الدنيا , هو في الحقيقة ولادة , وانتقال إلى عالم أرحب , إلى عالم البرزخ , البرزخ بين الدنيا المادية الفانية , والحياة الأخرى الباقية ..”
“وطالما رأينا في هؤلاء الفلاسفة تذمراً شديداً من العامة واستهجاناً لعقليتهم وعقائدهم ، وقد تطرف بعضهم في هذا الأمر بحيث اقترح على زملائة المفكرين أن يهربوا من هذا العالم الموبوء ويعيشوا في عالم خاص بهم حيث يخلو لهم الجو هناك فيتأملوا في حقائق الكون الخالدة ، لقد فاتهم بأن هذا العالم الموبوء الذي يشتكون منه هو العالم الحقيقي الذي لا مناص منه. وأن عالمهم المثالي الذي يدعون إليه لا وجود له وماهو في الواقع إلا عالم الأوهام والخيالات.”