“أليس الانسان هو ما يحقن فيه ساعة وراء ساعة و يوما وراء يوم و سنة وراء سنة ؟”
“قال لي مرة فيما هو يقلب جريدة في يده : "اسمع يا فيلسوفي الصغير , الإنسان يعيش ستين سنة في الغالب ، أليس كذلك ؟ يقضي نصفها في النوم . بقي ثلاثون سنة . اطرح عشر سنوات ما بين مرض وسفر وأكل وفراغ . بقي عشرون ؛ إن نصف هذه العشرين قد مضت مع طفولة حمقاء , ومدارس ابتدائية . لقد بقيت عشر سنوات . عشر سنوات فقط ، أليست جديرة بأن يعيشها الإنسان بطمأنينة ؟" بهذه الفلسفة كان يقابل أي تحد يواجهه . كان يحل مشاكله بالتسامح وحين يعجز التسامح يحلها بالنكتة وحين تعجز النكتة يفلسفها .”
“كلام الجرائد لا ينفع يا بني ، فهم أولئك الذين يكتبون في الجرائد يجلسون في مقاعد مريحة وفي غرف واسعة فيها صور وفيها مدفأة ثم يكتبون عن فلسطين وعن حرب فلسطين، وهم لم يسمعوا طلقة واحدة في حياتهم كلها، ولو سمعوا اذن، لهربوا الى حيث لا ادري. يا بني فلسطين ضاعت لسبب بسيط جداً، كانوا يريدون منا -نحن الجنود- أن نتصرف على طريقة واحدة، أن ننهض إذا قالوا انهض، و أن ننام إذا قالوا نم، و أن نتحمس ساعة يريدون منا أن نتحمس، و أن نهرب ساعة يريدوننا أن نهرب.. وهكذا إلى أن وقعت المأساة، و هم أنفسهم لا يعرفون متى وقعت!”
“و صعد كل التعب الذي كان يحسّه فجأة الى رأسه و أخذ يطن فيه حتى أنه أحتواه بين كفيه و بدأ يشد شعره ليزيح الفكرة و لكنها كانت ما تزال هناك كبيرة.. داوية ..ضخمة لا تتزعزع و لا تتوارى”
“-لقد بدأت الجريمة قبل عشرين سنة، ولا بد من دفع الثمن، بدأت يوم تركناه هنا-ولكننا لم نتركه،انت تعرف -بلى كان علينا الا نترك شيئاً. خلدون، والمنزل، وحيفا !”
“كان عليكم ألا تخرجوا من حيفا . واذا لم يكن ذلك ممكنا فقد كان عليكم ألا تتركوا طفلا رضيعا في السرير . وإذا كان هذا أيضا مستحيلا فقد كان عليكم ألا تكفوا عن محاولة العودة ... أتقولون أن ذلك أيضا مستحيلا؟لقد مضت عشرون سنة يا سيدي ! عشرون سنة ماذا فعلت خلالها كي تسترد ابنك؟ لو كنت مكانك لحملت السلاح من أجل هذا. أيوجد سبب أكثر قوة؟ عاجزون! عاجزون! مقيدون بتلك السلاسل الثقيلة من التخلف والشلل! لا تقل لي أنكم أمضيتم عشرين سنة تبكون! الدموع لا تسترد المفقودين ولا الضائعين ولا تجترح المعجزات! كل دموع الأرض لا تستطيع أن تحمل زورقا صغيرا يتسع لأبوين يبحثان عن طفلهما المفقود... ولقد أمضيت عشرين سنة تبكي... أهذا ما تقوله لي الآن؟ أهذا هو سلاحك التافه المفلول؟”
“الكلمات عبث ، وأنت كنت دائماً لغتي التي لا يفهمها أحد ، وراء التعويذات التي اخترعها أجدادنا وسموها حروفاً وأصواتاً، وها أنت تذهبين مثلما تعبر ريح الصباح شباكاً مهجوراً تحييه لحظة ، ثم تعيده إلى الغيب”