“إن المؤمن قد يحتقر أعراض الحياة كلها ؛ لا لأنه أصغر منها همة أو أضعف منها طاقة , ولا لأنه سلبي لا ينمي الحياة ولا يرقيها . . ولكن لأنه ينظر إليها من عل - مع قيامه بالخلافة فيها , وإنشائه للعمران والحضارة , وعنايته بالنماء والإكثار - فينشد من حياته ماهو أكبر من هذه الأعراض وأغلى , ينشد منها أن يقر في الأرض منهجاً , وأن يقود البشرية إلى ماهو أرفع وأكمل , وأن يركز راية الله فوق هامات الأرض والناس , ليتطلع إليها البشر في مكانها الرفيع , وليمدوا بأبصارهم وراء الواقع الزهيد المحدود , الذي يحيا له من لم يهبه الإيمان رفعة الهدف , وضخامة الاهتمام , وشمول النظرة .”

سيد قطب

سيد قطب - “إن المؤمن قد يحتقر أعراض الحياة كلها ؛ لا...” 1

Similar quotes

“إن الإسلام لا يريد من المؤمنين أن يدعوا أمر الدنيا . فهم خلقوا للخلافة في هذه الدنيا . ولكنه يريد منهم أن يتجهوا إلى الله في أمرها ؛ وألا يضيقوا من آفاقهم , فيجعلوا من الدنيا سوراً يحصرهم فيها . . إنه يريد أن يطلق " الإنسان " من أسوار هذه الأرض الصغيرة ؛ فيعمل فيها وهو أكبر منها , ويزاول الخلافة وهو متصل بالأفق الأعلى . . ومن ثم تبدو الاهتمامات القاصرة على هذه الأرض ضئيلة هزيلة وحدها حين ينظر إليها الإنسان من قمة التصور الإسلامي . .”

سيد قطب
Read more

“أن كيان الأنسان كيان واسع شامل لاتحده الخطوط الضئيلة التي يهتدي إليها العلم التجريبي، أو تدركها الملاحظة المحدودة. وأن البيئة الخارجية تتفاعل مع بعض عناصر هذا الكيان فتبرزها اكثر من غيرها، أو تخفي بعضها لأنه غير لازم في فترة معينة.....للبشر جميعاً كياناً مشتركاً هو (الأنسان) وأن البيئة قد تبرز بعض جوانب هذا الكيان أو تهملها، ولكنها لا تنشئها من العدم، ولا تقتلها أو تزيلها من مكانها...”

محمد قطب
Read more

“ولا بد لصاحب العقيدة أن يتعامل مع هذا الوجود الكبير؛ ولا يحصر نفسه ونظره وتصوره واهتمامه ومشاعره في عالم الأرض الضيق الصغير.. لا بد له من هذا ليؤدي دوره اللائق بصاحب العقيدة. هذا الدور الشاق الذي يصطدم بحقارات الناس وأطماعهم، كما يصطدم بضلال القلوب والتواء النفوس. ويعاني من مقاومة الباطل وتشبثه بموضعه من الأرض ما لا يصبر عليه إلا من يتعامل مع وجود أكبر من هذه الحياة، وأوسع من هذه الأرض، وأبقى من ذلك الفناء.. إن مقاييس هذه الأرض وموازينها لا تمثل الحقيقة التي ينبغي أن تستقر في ضمير صاحب العقيدة. وما تبلغ من تمثيل تلك الحقيقة إلا بقدر ما يبلغ حجم الأرض بالقياس إلى حجم الكون؛ وما يبلغ عمر الأرض بالقياس إلى الأزل والأبد. والفارق هائل هائل لا تبلغ مقاييس الأرض كلها أن تحدده ولا حتى أن تشير إليه ! ومن ثم يبقى صاحب العقيدة في أفق الحقيقة الكبيرة مستعليا على واقع الأرض الصغير. مهما تضخم هذا الواقع وامتد واستطال. يبقى يتعامل مع تلك الحقيقة الكبيرة الطليقة من قيود هذا الواقع الصغير. ويتعامل مع الوجود الكبير الذي يتمثله في الأزل والأبد. وفي ملك الآخرة الواسع العريض. وفي القيم الإيمانية الثابتة التي لا تهتز لخلل يقع في موازين الحياة الدنيا الصغيرة الخادعة.. وتلك وظيفة الإيمان في حياة أصحاب العقائد المختارين لتعديل قيم الحياة وموازينها، لا للتعامل بها والخضوع لمقتضياتها...”

سيد قطب
Read more

“ما هي العاطفة المهتاجة في نفس الإنسان اهتياجا لا يريه الحياة أبدا إلا أكبر أو أصغر مما هي ؟؟ما هو المعنى الساحر الذي يأتي من القلب والفكر معا ثم لا يأتي إلا ليحدث شيئا من الخلق في هذه الطبيعة ؟؟ما هو ذلك الأثر الإلهي الكامن في بعض النفوس مستكنا يتوثب بها ويحاول دائما ان يعلو إلى السماء لأنه غريب في الأرض ؟؟وما هو الشعر ؟؟هذه الأسئلة الأربعة يختلف بعضها عن بعض وينزع كل منها إلى منزعولا جواب عليها بالتعيين والتحديد في عالم الحس ،لأن مردها إلى النفسوالنفس تعرف ولا تنطق،وشعورها إدراك مخبوء فيها وهي نفسها مخبوءة عنا ...”

مصطفى صادق الرافعي
Read more

“(وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة , ولا تنس نصيبك من الدنيا). . وفي هذا يتمثل اعتدال المنهج الإلهي القويم . المنهج الذي يعلق قلب واجد المال بالآخرة . ولا يحرمه أن يأخذ بقسط من المتاع في هذه الحياة . بل يحضه على هذا ويكلفه إياه تكليفا , كي لا يتزهد الزهد الذي يهمل الحياة ويضعفها . لقد خلق الله طيبات الحياة ليستمتع بها الناس ; وليعملوا في الأرض لتوفيرها وتحصيلها , فتنمو الحياة وتتجدد , وتتحقق خلافة الإنسان في هذه الأرض . ذلك على أن تكون وجهتهم في هذا المتاع هي الآخرة , فلا ينحرفون عن طريقها , ولا يشغلون بالمتاع عن تكاليفها . والمتاع في هذه الحالة لون من ألوان الشكر للمنعم , وتقبل لعطاياه , وانتفاع بها . فهو طاعة من الطاعات يجزي عليها الله بالحسنى . وهكذا يحقق هذا المنهج التعادل والتناسق في حياة الإنسان , ويمكنه من الارتقاء الروحي الدائم من خلال حياته الطبيعية المتعادلة , التي لا حرمان فيها , ولا إهدار لمقومات الحياة الفطرية البسيطة .”

سيد قطب
Read more