“بطبيعة الحال, فالإنسان الذي لا هوية له لا يمكنه أن يبدع, فالإنسان لا يبدع إلا إذا نظر للعالم بمنظاره هو وليس بمنظار الآخرين, لو نظر بمنظار الآخرين, أي لو فقد هويته, فإنه سيكرر ما يقولونه ويصبح تابعاً لهم, كل همه أن يقلدهم أو أن يلحق بهم ويبدع داخل إطارهم, بحيث يصير إبداعه في تشكيلهم الحضاري".”
“إن رؤية المجتمع للنفس البشرية كانت رؤية مركبة تتجاوز الصور السطحية والتافهة التي تروج لها أجهزة الأعلام هذه الأيام. وجوهر هذه الرؤية الإعلامية الاختزالية هو الاستقطاب الحاد بين نوعين من البشر، فالإنسان إما أن يكون محبا مخلصا، متفانيا في حبه، لا يفكر إلا في محبوبته (بعد أن أحبها من أول نظرة بطبيعة الحال)، ولا يشهد منزله، أي عش الزوجية السعيد، سوى شهور عسل متتالية، وإما أن يكون رجلا شريرا يخون زوجته وأفراد أسرته وأصدقاءه، ولا يشهد منزله سوى شهور بصل وخناقات متتالية!!”
“الإنسان الذي لا يحلم لا يغير ويعيش في حالة اكتئاب, خاصة أن كل ما في حياتنا الآن يدعو للاكتئاب.”
“الإنسان هو الكائن الوحيد القادر على أن يرتفع على ذاته أو يهوى دونها، على عكس الملائكة والحيوانات، فالملائكة لا تملك إلا أن تكون ملائكة والحيوانات هي الأخرى لا تملكإلا أن تكون حيوانات، أما الإنسان فقادر أن يرتفع إلى النجوم أو أن يغوص في الوحل”
“لعل تنشئتي التقليدية جعلتني أرى أن المعايير الأخلاقية لا تنطبق إلا على الأفراد وحسب، أما المؤسسات فهي شخصيات مجردة لا شخصية، لا تهتم بالأفراد أو الأخلاق، وتتحرك كالوحش الكاسر أو كقوة من قوى الطبيعة، تحطم كل ما يأتي في طريقها. فالمقدرة على الاستمرار والبقاء هي القيمة المطلقة الوحيدة بالنسبة لها والتي تجب أي حسبانات إنسانية وأخلاقية”
“الحضارة الغربية ترى الإنسان باعتباره كائناً مادياً. ولا أعني بذلك حب النقود كما يتصور البعض، فالمسألة أبعد ما تكون عن ذلك. فالإنسان المادي في تصوري هو الإنسان الذي يدرك العالم وذاته من خلال حواسه الخمس، ويحدد أهدافه وتطلعاته في هذا الإطار، فهو إنسان غير قادر على تجاوز السقف المادي الذي أطبق عليه، ولذا فمؤشرات التقدم بالنسبة له مادية، والأخلاق هي الأخرى نفعية مادية، وكل ما لا يمكن تفسيره ماديا لا وجود له”
“من أكبر آفات البحث العلمي في العالم العربي انفصاله عن المعجم الحضاري الإسلامي وافتراض أن ثمة معرفة عالمية علينا أن نحصلها متناسين تراثنا وهويتنا. ولن يمكننا أن نبدع طالما استنمنا لهذه المقولة، فهي تعني المحاولة الدائمة "للحاق بالغرب". فمثلا في أقسام اللغات الأوروبية في العالم العربي، ندرسها من وجهة نظر أصحابها وحسب، وهذا يعني سلباً كاملا للذات تسبب في أن ذكاءنا يتناقص، إذ إننا نحاول عن وعي أو غير وعي أن نستبعد هويتنا الحضارية ومعرفتنا العربية أو الإسلامية وأي أدوات تحليلية مرتبطة بهذه الهوية وبتلك المعرفة. وهذا الاستبعاد هو في جوهره عملية قمع هائلة للذات، تستهلك جزءا كبيرا من طاقة الإنسان لإنجازها، وإن نجح في إنجازها فإنه يستهلك ما تبقى عنده من طاقة”