“فيه ناس كتير من اللي بيسموا نفسهم مثقفين بيستهينوا بالأصول والتقاليد بتاعتنا. ولكن ضروري تعرفي إن الأصول دي هي اللي بتربطنا بالأرض، ومن غيرها نبقى زي الشجرة اللي من غير جذور، شوية هوا تجرفها، وتوقعها كمان”
“وقال حسين في قسوة:عارفة إنتِ محتاجة لإيه؟ محتاجة لحد يقعد يهزّك لغاية ما تفوقي. لغاية ما تدركي إن الدنيا ما انتهتش. وإن اللي حصل ده كان ضروري يحصل لأنك إنت اللي أسأتِ الاختيار.”
“ورفع عصام إلى ليلى عينين مغرورقتين بالدموع وقال:عارفة ياليلى زي ايه؟ زي واحد في الصحرا بيحفر الأرض عشان يوصل لنقطة مية، ويفضل يحفر ويقول دلوقت حاأوصل، كمان شوية حاأوصل، المرة الجاية، وفي كل مرة بينزل لتحت، في كل مرة بيتحبس أكتر في الحفرة اللي بيحفرها، ولا بيوصلش، والمية مابتظهرش.”
“لم يعد الموت هو الذي يخيفها، لم يعد الموت يخيفها.. من هي؟ .. قطرة في بحر، والبحر مواج بها ومن غيرها، وان ماتت فهي واحدة من الآلاف الذين ماتوا، وان عاشت فهي واحدة من الملايين الذين اغتصبوا حقهم في الحياة. لا، ليس الموت الذي يخيفها، ولا العدو الذي يستتر خلف سور المطار، أن عدوها الرئيسي يرقد هنا، في أعماقها: ضعفها. وأغمضت عينيها، وأحكمت اقفال فمها حتى لا تتسلل إليها الرعدة”
“لم يكن الموت ما يخفيها , لم يعد الموت يخفيها .. من هى؟.. قطرة فى بحر, و البحر مواج بها و من غيرها. وان ماتت فهى واحدة من الآلاف الذين ماتو.. وان عاشت فهى واحدة من الملايين الذين اغتصبوا حقهم فى الحياة, لا, ليس هو الموت ما يخفيها, و لا العدو الذى يستتر خلف سور المطار, أن عدوها الرئيسى يرقد هنا, فى أعماقها : ضعفها.”
“انطلقي ياحبيبتي، صلي كيانك بالآخرين، بالملايين من الآخرين، بالأرض الطيبة أرضنا، وبالشعب الطيب شعبنا.وستجدين حبا أكبر مني ومنك، حبا كبيرا، حبا جميلا.. حبا لا يستطيع أحد أن يسلبك اياه، حبا تجدين دائما صداه يتردد في الأذن، وينعكس في القلب، ويكبر به الإنسان ويشتد.. حب الوطن وحب الشعب..”
“عزيزتى ليلىلم أكن أريد أن أستعمل كلمة "عزيزتى" بل أردتُ أن أستعمل كلمة أخرى، كلمة أقرب إلى الحقيقة وإلى شعورى نحوكِ ولكنّي خفتُ أن أخيفكِ وأنا أعرف أن من السهل إخافتك. من السهل بشكل مؤلم، مؤلم لي على الأقل.وهذا أيضًا هو سبب ترددي فى الكتابة إليكِ ولكن حنيني الجارف إلى الوطن لم يترك لى الاختيار فقد أصبحتِ أنتِ رمزًا لكل ما أحبه في وطني وعندما أفكر فى مصر أفكر فيك وعندما أحن إلى مصر أحن إليكِ وبصراحة أنا لا أنقطع عن الحنين إلى مصر.أكاد أراك تبتسمين، فأنت لا تصدقينى. أليس كذلك؟ أنتِ لا تثقين بي. أنت تقيمين بيني وبينك الحواجز، أنت لا تريدين أن تنطلقي وأن تتركي نفسكِ على سجيتها، لأنك تخشين أن تتعلقي بي، أن تفني كيانك في كياني، أن تستمدي ثقتك فى نفسك وفي الحياة مني، ثم تكتشفي كيانك مدلوقًا -كالقهوة- فى غرفتي.وأنا أحبكِ وأريد منكِ أن تحبيني، ولكنّي لا أريد منكِ أن تفني كيانك فى كيانى ولا فى كيان أي إنسان. ولا أريد لك أن تستمدى ثقتك فى نفسك وفى الحياة مني أو من أي أنسان. أريد لك كيانك الخاص المستقل، والثقة التى تنبعث من النفس لا من الآخرين.وإذ ذاك –عندما يتحقق لكِ هذا- لن يستطيع أحد أن يحطمك، لا أنا ولا أي مخلوق. إذ ذاك فقط، تستطيعين أن تلطمي من يلطمك وتستأنفى المسير. وإذ ذاك فقط تستطيعين أن تربطي كيانك بكيان الآخرين، فيزدهر كيانك وينمو ويتجدد، وإذ ذاك فقط تحققين السعادة فأنتِ تعيسة يا حبيبتي، وقد حاولتِ، ولم تستطيعي، أن تخفى عنى تعاستك.لقد انحبست فى الدائرة التى ينحبس فيها أغلب أفراد طبقتنا، دائرة الأنا، دائرة التوجس والركود، دائرة الأصول، نفس الأصول التى جعلت عصام يخونك، وجعلت محمود يشعر بالعزلة فى معركة القناة. وجعلت طبقتنا، كطبقة، تقف طويلا موقف المتفرج من الحركة الوطنية، نفس الأصول التى تكرهينها وأكرها، ويكرها كل من يتطلع الى مستقبل أفضل لشعبنا ووطننا.وفى دائرة الأنا، عشت تعيسة، لأنك فى أعماقك تؤمنين بالتحرر، بالانطلاق، بالفناء فى المجموع، بالحب، بالحياة الخصبة المتجددة.عشت تعيسة لأن تيار الحياة فيك لم يمت بل بقى حيًا يصارع من أجل الانطلاق.فلا تنحبسى فى الدائرة الضيقة، إنها ستضيق عليك حتى تخنقك أو تحولك إلى مخلوقة بليدة معدومة الحس والتفكير.انطلقي يا حبيبتي، صِلِي كيانك بالآخرين، بالملايين من الآخرين، بالأرض الطيبة أرضنا، بالشعب الطيب شعبنا.وستجدين حبًا، أكبر منِّى ومنكِ، حبًا كبيرًا، حبًا جميلًا، حبًا لا يستطيع أحد أن يسلبك إياه، حبًا تجدين دائمًا صداه يتردد فى الأذن، وينعكس فى القلب، ويكبر به الإنسان ويشتد: حب الوطن وحب الشعب.فانطلقي يا حبيبتي، افتحى الباب عريضًا على مصراعيه، واتركيه مفتوحًا..وفى الطريق المفتوح ستجدينني يا حبيبتي، أنتظرك، لأنى أثق بك، وأثق في قدرتك على الانطلاق، ولأنى لا أملك سوى الانتظار ..انتظارك.”