“والبِنْت قِطعةٌ من أُمها ، ولكِنها في الحُزن على أبيها أو أَخيها بِعدة أُمهات”
“كذلك لا تتبرج الروح إلا خارجة من شقاء أو مقبلة على شقاء، وما أشبه الحب في الناس بهذا الربيع في الشجر هو الطريق الأخضر يمتد إلى الجدب واليبس والألم وإما إلى غاية منسية مهملة في الجفاء أو السلوة”
“ما زلت منذ وعيت كأنما أفرغ في قلبي هذا قلوب الناس بتوجعي لهم، وحناني عليهم، وكأنما أعيش في هذه الأرض عيش من وضع رجلا في الدنيا و رجلا في الآخرة، أحفظ الله في خلقه لأني أحفظ في نفسي الرحمة لهم وإن كان فيهم من يشبه في التلفف على على دواهيه بابا مقفلا على مغارة مظلمة في ليل دامس. وأتقي طائلة قلوبهم وألبسهم على تفصيلهم، قصارا أو طوالا كما خرجوا من شقي المقص المجتمعين من الليل والنهارتحت مسمار الشمس، وأصدرهم من نفسي مصدرا واحدالأني أعلم أن ميزان الله الذي يشيل و يرجح بالخفيف و الثقيل ليس في يدي، فلا أستخف ولا أستثقل. و أعرف أن الفضيلة ليست شيئا في نفسها ، بل بالإعتبار، فلا أدري إن كانت عند الله في فلان الذي يحقر الناس أو قلان الذي يحقره الناس. وليس من طبعي أن أتصفح على الخلق، فإن من وضع نفسه هذا الموضع هلك بالناس ولا يحيون به.”
“إذا لم يكن الإيمان بالله اطمئنانا في النفس على زلازلها وكوارثها لم يكن إيمانا، بل هو دعوى بالفكر أو اللسان لا يعدوهما، كدعوى الجبان أنه بطل، حتى إذا فجأه الرَّوْعُ أحدث في ثيابه من الخوفومن ثَمَّ كان قتل المؤمن نفسه لبلاء أو مرض أو غيرهما كفراً بالله وتكذيبا لإيمانه، وكان عمله هذا صورة أخرى من طيش الجبان الذي أحدث في ثيابه!”
“وليت شعري ماذا يراك الملحد أيها القمر؟ إنه لا موضع في قلبه للحب؛ لأن الحب مؤمن, ولا مظهر في نفسه للجمال؛ لأنها مظلمة يسطع فيها جمال الشمس, ولا يجاوز في عينه منظر جمرة تلتهب أو قرص من السِّرجين يشتعل؛ وهو في حالة لا تعرف هناء الفكر حتى يفكر في الهناء؛ بل هو كعالم تشريح: ينتظر كل يوم من القدر جثة هامدة ليـُـخرج منها برهانا على حقيقة في علمه أو حقيقة لبرهان, فما أنت أيها القمر في رأي عينه على ما أنت إلا حجر”
“النوم والقدر والموت كالشئ الواحد ، أو ثلاثتها أجزاء لشئ واحد.فالنوم غفلة تخرج الحي هنيهة من الحياة وهو فيها على حالة أخرى ، والموت غفلة تخرجه من الحياة كلها إلى حالة أخرى، والقدر منزلة بين المنزلتين ، يقع هنيا على أهل السعادة بأسلوب النوم ، ويجئ لأهل الشقاء عنيفا في أسلوب الموت !ولن يجلب شيئا أو يدفع عن نفسه شيئا من هذه الثلاثة ، إلا الذي لم يخلق على الأرض”
“ما أشد على قلبي المتألم أن لا يأخذ بصري من الناس إلا من يتدحرج في نفسي ليهوي منها أو يتقلب في أجفاني ليثقل على عيني وأحاول أن أرى تلك الطلعة الفاتنة التي انطوى عليها القلب فانبعث نورها في حواشيه المظلمة, وأن أملأ عيني من قمر هذا الشعاع الذي جعل السماء في جانب من الصدر؛ فإذا ما شئت من الوجوه إلا وجه الحب, وإذا في مطلع البدر من رقعة سوداء لا تبلغ مد ذراع ويغشى الكون كله منها ما يغشى.. فاللهم أوسع لقلبي سعةً يلوذ بها..”