“الوضعية الحالية للسواد الأعظم من القراء عندنا هي الاطلاع غير المنظم على عدد واسع من العلوم والمعارف ؛ فترى الواحد منا يقرأ في اليوم الواحد علوما متعددة ، وهو قلما يقرأ كتابا إلى نهايته ! وإذا قرأ فإن قراءته ملونة ومجزأة ، لا تربط بين مفرداتها رابطة ، وقد تغيب عن الواحد منهم عشرين عاما ، ثم لا تجد عند رؤيتك له أي تغيير جوهري في ثقافته وتكوينه الذهني والمعرفي ! والسبب في هذا واضح ، وهو عجز ذهنه عن الإمساك بهذا الشتات من المعارف والعلوم ذات الطبائع والانتماءات المختلفة ، والتي وردت إليه أيضا عبر سياقات ومناسبات وقنوات شتى ...هذا اللون من التثقف لا يتيح للمرء الشعور بمباهج المعرفة ، ولا يساعده على التقدم المعرفي ، كما لا يسعفه في أي لون من الإبداع العلمي . والأهم من هذا كل ذلك أنه لا يؤدي به إلى تقدم عقلي جيد ، ولا يملكه نماذج فكرية خاصة به.والقارئ ذو الاطلاع المشتت وغير المنظم لا يملك الحماسة للاستمرار في القراءة ، كما لا يملك أهدافا محددة لها ؛ وربما كان فقد حماسته ناتجا عن فقد أهدافه المعرفية”
“ السعادة لا تهبط من السماء، وإنما هي مثل العمل الفني، لا بد أن يكدّ المرء ويتعب في صياغته وصنعه، والزواج، مثل العمل الفني، أيضا، ومثل أي شيء إنساني مركب، يحتوي على إمكانات سلبية وإيجابية ولا يمكن فصل الواحد عن الآخر”
“قد يكون في الدّنيا ما يغني الواحد من النّاس عن أهل الأرض كافّة، ولكنّ الدنيا بما وسعت لا يمكن أبداًأن تغني محباً عن الواحد الذي أحبّه!هذا الواحد له حسابٌ عجيبٌ غير حساب العقل، فإنّ الواحد في الحساب العقليّ هو أوّل العدد، وأمّا في الحساب القلبيّ فهو أوّل العدد و آخره.”
“فلا يمكن تحصيل ملكة تغيير ما بالأنفس -كما لا يمكن تحصيل ملكة البيان والشعر- إلا بممارسة هذا الفن؛ وهو النظر في سنن المضين وما حدث للأمم من تغيير بطيء أو سريع خلال التاريخ. ونحن إلى الآن لا ندرس التاريخ على هذا الأساس أو القصد، وإن كان القرآن يلح علينا في ذلك.”
“ولقد يكون في الدنيا ما يُغني الواحد من الناس عن أهل الأرض كافّة.. ولكن الدنيا بما وسعت لا يمكن أبدا أن تغني محبا عن الواحد الذي يحبه! هذا الواحد له حساب عجيب غير حساب العقل.. فإن الواحد في الحساب العقلي أول العدد.. أما في الحساب القلبي فهو أول العدد وآخره .. ليس بعده آخـِـر إذ ليس معه آخـَر”
“إلى المستقبل أو الماضي , إلى الزمن الذي يكون فيه الفكر حراً طليقاً , إلى زمن يختلف فيه الأشخاص عن بعضهم البعض ولا يعيش كل منهم في عزلة عن الآخر وإلى زمن تظل الحقيقة فيه قائمة ولا يمكن لأحد أم يمحو ما ينتجه الآخرون . وإليكم , من هذا العصر الذي يعيش فيه الناس متشابهين , متناسخين , لا يختلف الواحد منهم عن الآخر . من عصر العزلة , من عصر الأخ الكبير . من عصر التفكير المزدوج , تحياتي ! "شعر آنذاك كأنه في عالم الأموات , وبدا له أنه في هذه اللحظة فقط , لحظة بات فيها قادرا على صياغة أفكاره , قد اتخذ الخطوة الحاسمة . إن عواقب كل عمل تكمن في العمل نفسه , وكتب :"إن جريمة الفكر لا تفضي إلى الموت , إنها الموت نفسه !”