“لا يترك غياب التوازن السياسي الجسد بلا أثر، فإذا كان من البديهي أن يمشي الفرد في مجتمع ديمقراطي معتدل القامة كما تقضي خلقته التي يتميز بها على سائر الفقاريات، فإننا في مجتمع اللامساواة يمكننا بسهولة تمييز من يعانون نقص الحرية ممن يتمتعون بفائضها من خلال شكل الجسد وعلاقته بالفراغ المحيط به.”
“وجد التشدد البيئة الملائمة لنموه بسبب افتقاد المتع الدنيوية في مجتمع متروك لفواضاه في ظل سلطة لا تعنى بالمستقبل. انطلق المتشددون من الظاهر: الفساد، للبرهنة على الباطن: الكفر، وهكذا تمكنوا من احتكار الله لصالحهم معلنين كفر من لا يوافقهم على أفكارهم، وكان معنى هذا أن يكون مفكرو الاستنارة أول المستبعدين، وهو إجراء سيلقى الرفض الشكلي والموافقة العميقة من قبل السلطة التي تعرف أن تناقضها الجوهري ليس مع هؤلاء بل مع أولئك الذين يثرثرون بالأفكار الضارة عن الحرية”
“والمرأة من هذا هي أكثر نبلا في تقديرها لرائحة المخلص من الرجال، فهي تدوخ من عرق من تحب مهما كان نفاذا، بينما الرجل العاشق أقل تسامحا مع عرق المرأة، لذلك فإن إنفاق المرأة على العطور أضعاف ما ينفقه الرجل لا يعود إلى سوء تدبير منها بل إلى سوء تقدير الرجال لرائحة الجسد الطبيعية.”
“الشراهة في الإنفاق التي تعكسها قصور الأثرياء الجدد لم تنجح في إخفاء ضعة الأصل، بل على العكس تضع علامة استفهام حول مصدر الثروة، وكذلك فإن الفخامة الرثة في المباني الحكومية الجديدة لا تتناسب أبداً مع أوضاع دولة يعناي اقتصادها من الركود، وكما أننا نستطيع من الأخطاء الصغيرة اكتشاف امرأة من الطبقة الدنيا مهما أنفقت على أثوابها، فإن الإنفاق الباذخ يتم إهداره بتفاصيل صغيرة تعصف بنية الفخامة التي أضمرها معماريو هذا الزمان وزبائنهم المولعون بالكم، دون انتباه إلى أن الأموال التي ينفقونها على شراء الرخام لا تضمن سوى اعتمادها كأضرحة تعادي الإنسان الحي وتهين حواسه!”
“ويبدو أن المقارنة ستكون في صالح الكنيسة لو أننا قارنا اليوم بين ما فعله كهنتها وبين ما يفعله آباء الدين الجديد، دين النظام!استفادت الأنظمة القومية الفاشية والنازية، مثلما استفادت الليبرالية المغترة بذاتها من النظام الذي أرساه العقل، وإلى اليوم تعيش الديكتاتوريات العسكرية والدينية في نصف الكرة الجنوبي بفضل التنظيم الذي أرساه العقل والمعدات التي أنتجها، والتي جعلت من الضبط والسيطرة على الإنسان أمرا أكثر يسراً.ومثلما كان آباء الكنيسة يفعلون ما بوسعهم لمد مظلة الله على أكبر عدد ممكن من البشر ويحتفظون لأنفسهم بالسر فإن كهنة العولمة يريدون الاحتفاظ للغرب بأسرار العبادة بينما على الآخرين أن يظلوا خراف الله الضالة التي لا تحظى بالمغفرة أبداً، ويكفي تأمل تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية في رعاية أنظمة ديكتاتورية لا يتم الحديث عن شرورها إلا في لحظات الشك بولائها، إلى أن تتم تسوية الأمر بمقايضة مزيد من العمالة بمزيد من الصمت.”
“كانت هزيمة الإلحاد الهدف المعلن من طرفين يخفي كل منهما إلهه الحقيقي تحت الرداء الكهنوتي الموحد، الاسلام السياسي كان يدافع عن "النظام" معتبرا أن الحكم وفق معايير الإسلام كما يفهمها هو الغاية التي ستحقق سعادة الإنسان، و الغرب الذي عبد العقل أو تظاهر بعبادته حينا كان يخفي إلهه: السلعة”
“ومع ذلك ليس في الحكم على كتاب من فقرة أو صفحة أي تسرع، إذا أنهيت الصفحة الأولى من دون متعة أو الحصول على إضافة معرفية، فلا يمكن أن تتوقعي وجودهما فيما بعد، إنها بمثابة لحظة الإقلاع ولا يمكن لطيار لا يجيد الإقلاع أن يحلق بسلام في الجو.”