“إن من خير ما يقدمه الدعاة للناس: أن يعرّفوهم سعة الرحمة الإلهية ويَحدوهم إليها ويفتحوا لهم أبواب الطمع والرجاء فيها لئلا تزل بهم القدم إلى مهيع اليأس والقنوط ، فيندفعون وراء المغريات وأسباب الضعف غير عابئين بما يترتب على ذلك من فساد القلب وظلمة النفس .”
“والخوف من الله تعالى يكون محموداً ، ويكون غير محمود . فالمحمود ما كانت غايته أن يحول بينك وبين معصية الله بحيث يحملك على فعل الواجبات وترك المحرمات ، فإذا حصلت هذه الغاية سكن القلب واطمأن وغلب عليه الفرح بنعمة الله ، والرجاء لثوابه . وغير المحمود ما يحمل العبد على اليأس من روح الله والقنوط وحينئذ يتحسر العبد وينكمش وربما يتمادى في المعصية لقوة يأسه”
“إن الوثنية هَوانٌ يأتي من داخل النفس لا من خارج الحياة، فكما يفرض المحزون كآبته على ما حوله، وكما يتخيل المرعوب الأجسام القائمة أشباحاً جاثمة؛ كذلك يفرض المرء الممسوخ صَغَار نفسه وغباء عقله على البيئة التي يحيا فيها، فيؤلَّه من جمادها وحيوانها ما يشاء.ويوم ينفسح القلب الضيق، ويشرق الفكر الخامد، وتثوب إلى الإنسان معانيه الرفيعة، فإن هذه الإنعكاسات الوثنية تنزاح من تلقاء نفسها.ومن ثَمَّ كان العمل الأول للدين داخل الإنسان نفسه، فلو ذبحت العجول المقدسة، ونكست الأصنام المرموقة، وبقيت النفس على ظلامها القديم، ما أجدى ذلك شيئاً في حرب الوثنية! فيبحث العبَّاد المفجوعون عن آلهة أخرى غير ما فقدوا، يوفضون إليها من جديد!”
“إن خير ما يتاح لأبناء الفناء أن يقلقوا ويضحكوا من القلق بعد فواته فيأخذوا الدنيا طبيعية فنية على هذا المنوال: طبيعية حين يعيشونها ويقلقون بشواغلها، وفنية حين ينظرون إليها على البعد بعد ذلك كما ينظرون إلى روايات الخيال.”
“إننا بحاجة إلى طراز من المتعلمين يدركون بأنه لا فضل لهم فيما نالوا من نجاح أو علم أو أدب, وأنهم مخاليق وصنائع انتجتهم العوامل الاجتماعية والنفسية التي أحاطت بهم من غير أن يكون لهم يد فيها”
“إن الكُتّابَ والشعراءَ يحاولون إدراك حقيقة المرأة ولكنهم للآن لم يفهموا أسرار قلبها ومخبآت صدرها لأنهم ينظرون إليها من وراء نقاب الشهوات فلا يرونَ غيرَ خطوط جسدها، أو يضعونها تحت مكبرات الكره فلا يجدون فيها غير الضعف والاستسلام.”