“غالبًا ما يخلط النظام الإمبريالي الحالي بين الحرية السياسية التي تتميز بها المواطنة وحرية تداول السلع الاستهلاكية (أو القدرة على الإفادة من التشكيلة الكبرى من الخدمات والسلع المتوافرة، وكلها متشابهة تقريباً). أما النشاط السياسي، فيقتصر على السجالات الحامية التناقضية الطابع عبر التلفزيون، وهي تشبه صراع الديكة الذي يجب ألا يتعدى دقائق معدودة، بينما لا يملك إزاءها المشاهد الساكن، الوقت الكافي لاستيعاب تعابيرها المشفرة، أو شيء من هذه المناظرات الكلامية المتقطعة التي لا تجدي نفعاً. لذلك، سيفضل المواطن المتعب الهروب إلى أمكنة الترفيه المتوافرة، أو في أفضل الأحوال، تكريس أوقات فراغه في خدمة قضية واضحة ذات هدف محدد كالاهتمام بالقضايا الانسانية في العالم الثالث، أو حماية البيئة أو المستهلك . . إلخ. لم يعد البعد السياسي، كما حددت معالمه فلسفة الأنوار، يدخل ضمن اهتمام المواطن اليومي، ولا يستطيع أن يكون كذلك.”
“ننسى أن “الحداثة” ليست إلا مظهراً مخادعاً وشعارات معيارية وضعته الثقافة الأوروبية بشكل مطنع في خضم الغليان الإبداعي لعصري النهضة والأنوار. هذا مع العلم بأن جذور هذا الغليان ربما كانت قائمة في فترات سابقة من التاريخ الأوروبي… . إن سرعة إيقاع التغيرات التفنية هي التي أعطتنا الانطباع بتسريع التاريخ. إنما، أليس هالإنطباع وهمًا وخداعاً؟ إذا كنا نفهم من التاريخ، ليس فقط تطور الفكر البشري وتراكم المعارف العلمية، بل أيضاً تطور الأخلاق والقيم والقضاء على العنف والجوع والحرمان وكل أنواع النبذ في الغرب كما في العالم فعلينا، إذاً، الاعتراف بأن التاريخ لم يؤمن فعلاً التقدم البشري، وأن إيقاع تقدمه من البطء بحيث لا يمكن من تلمسه وقياسه.”
“ولقد نفت نظره أن السماء التي تظلل الجميع واحدة سواء كان ذلك في أوراسيا أو إيستاسيا أو حتى هنا في أوقيانيا، كما أن الناس الذين تظللهم السماء يتشابهون إلى حد كبير أينما كانوا، ففي جميع أنحاء العالم يعيش مئات ألوف من ملايين الأشخاص على هذا المنوال، حيث يجهل بعضهم وجود بعض، وتفصل بينهم جدران من الكراهية والأكاذيب ومع ذلك فإنهم متماثلين. أناس لم يتعلموا أبدًا كيف يفكرون ولكنهم يختزنون في قلوبهم وبطونهم وعضلاتهم القدرة التي يمكن في يوم من الأيام أن تقلب نظام العالم.”
“من اللحظة التي طُرد فيها آدم من الجنة لم يتخلص من الحرية ولم يهرب الى المآساة ، فهو لا يستطيع أن يكون بريئًا كالحيوان أو الملاك ، إنما كان عليه في أن يختار في أن يكون خيّرًا أو شريرًا ، ، باختصار أن يكون إنسانًا ، هذه القدرة على الاختيار بصرف النظر عن النتيجة ، هي أعلى شكل من أشكال الوجود الممكن في هذا الكون .”
“في السنوات الخمسين الأخيرة، أخذت العلاقة بين المواطن العربي والسلطة، تتأسس على إنعدام الثقة: المواطن لا يثق بسلطته التي فُوِّض إليها أمرُ حياته وثقافته. والسلطة لا تثق بهذا المواطن الذي يدفع الضرائب ويُدافع عن وطنه. تحولت العلاقة بينهما فأصبحت مسألة ((أمنية)) في المقام الأول. صار الهاجس الأول للسلطة هو أن ((تحميَ)) نفسها حمايةً كاملة، وبمختلف الوسائل، من عدوان المواطن. تقابلها عند المواطن ((ثقافة الاحتماء)) من عدوان السلطة، سواء بالصمت، أو البُعد والانعزال عن السياسة، أو بالنفاق والتزلف، بشكلٍ أو آخر، قليلاً أو كثيراً.”
“الدين لايسكن على رفوف الكتب أو في رأسك فقط، بل مكانه الحقيقي يجب أن يكون فيما يجب أن يكون أو في ماتفعله، وماتنتجه .. في أن تؤدي ماخلقت من أجله على هذه الأرض”
“اننا نريد من كل واحد منا أن يفكر هل يمكن أن يقدم نموذجاً في الحفاظ على الوقت أو النهم في القراءة, أو الحرص على صلاة الجماعة أو في الصدق أو التواضع أو خدمة الالاخوان أو بر الوالدين أو الغيرة على حرمات الله تعالى أو نصح المسلمين؟”