“في تلك الأيام ربما كانت هذهِ هي الطريقة الوحيدة التي يفهم بها أحدنا الآخر: كان كل منّا لا يبالي بالآخر.”
“في صمت الليالي المعتمة ملأنا كتابًا بكل هذه الرؤى التي نبعت من خيالاتنا عن الهزيمة و الفشل الذي حلمنا به و نحن حزانى نفتقد للبهجة، أولئك المعوزون برؤوسهم المحنية، و طرقهم الموحلة، و بيوتهم غير مكتملة البناء، و شوراعهم الغريبة المعتمة، الناس الذين يعتقدون أن كل شيء سيعود كما كان و هم يتلون صلواتهم التي لا يفقهون معناها،الأمهات و الآباء الثكلى، البؤساء الذين لم تسمح لهم أعمارهم القصيرة أن يخبرونا عما أنجزوه و حقّقوه في بلاد أخرى، المصانع و الآلات التي لا تعمل، الأرواح ذات العيون المخضلة بالدمع ترثي الأيام الخوالي، الكلاب الضالة التي ليست في هزالها أكثر من جلد على عظم، الفلاحون الذين لا يمتلكون أراض، المتشردون المتسكعون في المدينة، المسلمون الجهلة و الأميون الذين يرتدون سراويلهم و حروبهم كلها تنتهي بالهزيمة.”
“كان هو الذي أصرّ أن يجلس كلانا إلى طرفي المائدة و نكتب معًا، كان ذلك وقت كتب كل منّا "لماذا نحن هكذا؟". لكنه مرة أخرى انتهى بعدم كتابة شيء أكثر من "لماذا الآخرون هكذا؟".”
“لا بد أننا جميعا عشنا في أوقات اكتشفنا فيها أنه من الممتع، بل من المريح أن نحط من أنفسنا. حتى ونحن نقول لأنفسنا إننا لا قيمة لنا مرات ومرات، وكأن التكرار سوف يجعل ذلك حقيقة. فجأة نجد أننا تحررنا من كل تلك القيود الأخلاقية التي تدعونا للاذعان، ومن القلق الخانق لضرورة أن نطيع القواعد والقوانين، ومن الاضطرار إلى أن نكز على أسناننا ونحن نتشوف لأن نكون مثل الآخرين. وعندما يحط الآخرون من شأننا، نصل إلى نفس النتيجة التي نصل إليها عندما نبادر نحن إلى إذلال أنفسنا. ثم نجد أنفسنا في مكان حيث يمكن أن ننغمس بمنتهى الأريحية في وجودنا ورائحتنا وقذارتنا وعاداتنا، المكان الذي يمكن أن نتخلى فيه عن كل أمل في تحسين الذات والتوقف عن محاولة تغذية الأفكار المتفائلة حول البشر الآخرين. هذا المكان شديد الراحة لدرجة أننا لا نستطيع إلا أن نشعر بالامتنان للغضب والأنانية التي أوصلتنا إلى تلك اللحظة من الحرية والعزلة.”
“يرى راسكن أن المشهد الرائع لا يمكن الحفاظ عليه أبدا لأنه عرضي، إن خراب المشهد، لا نية المصمم، هو ما يجعله جميلا، وهذا يفسر سبب عدم حب عدد كبير من أهل اسطنبول للقصور الخشبية التي تم ترميمها، ينقطع ارتباطهم الواهي الجميل بالماضي حين يختفي الخشب المسود المتعفن تحت دهانات لامعة تجعلها تبدو كما لو كانت المدينة في قمة مجدها وازدهارها في القرن الثامن عشر اسطنبول .. الذكريات والمدينة”
“لكل مدينة صوت لا يمكن أن يسمع في غيرها، صوت يعرفه جيداً كل هؤلاء الذين يعيشون في المدينة ويتشاركون فيه كأحد الأسرار.”
“الكتابة اذا كانت تجلب لك البهجة فإنها تلغي كل الاحزان”