“تكرار الموروث كمثل نفيه ، أو لنقل التكرار نوع آخر من النفي . وهؤلاء الذين يكررون الماضي ، لا يقومون في الواقع إلا بنفيه . فليس تكرار الأصول أو اجترارها هو ما يجعل الإنسان مرتبطًا بالأصول . بل نقدها والحوار معها . فما يؤصل الإنسان يكمن في المساءلة المستمرة للأصول .”
“الكتابة العربية المعاصرة هي ، في معضمها ، نوع من البحث عن زمن ضائع ، بشكل أو آخر : في الماضي فيستعاد أو في الحاضر فيقبض عليه ، أو في المستقبل فيُنتظر مجيئه .هذا وجه من وجوه نقصها .كلا ، - لا البحث عن زمن ضائع ، بل نبش المطموس ، المكبوت ، المهمَّش ، المنسيّ لافي الجماعة وحدها ، لافي التاريخ وحده ، وإنما في الذات أيضاً .نبشُهُ ، واستنطاقه : بهذا نواجه الحرية ، ومسؤلية الحرية . وفي ضوء هذه المواجه ، تكمن رؤية طريق ما ...”
“إن ما نسميهِ بالواقع الخارجيِّ، أو الماديِّ أو الطبيعي ليسَ إلَّا جانباً من الوجود، وإنه إلى ذلك الجانبُ الأكثر ضيقاً. فما نسميه الحياة أو الوجود أكثرُ اتساعاً. ولهذا فإن الشعراء الذين يقصرون اهتمامهم وتعبيرهم على الجانب الأول، لا يهتمون، أخيراً، إلا بما هو ماثلٌ لدى الجميع، ولا يعبرون إلا عما يعرفه الجميع. إن موقفهم ينتمي إلى نزعةٍ طبيعية لا ترى من الشجرةِ حركتها الداخلية في جذرها ونسغها ونمائها، وإنما ترى الغصن والورقَ والثمر. غيرَ أنَّ ما وراء الطبيعة ليست إلا جزءاً آخر من الطبيعة.”
“النشوة الجنسية هي انخطاف. انها نوع من الموت المؤقت, أو لنقل: هي صورة للموت – المعنى. ومن هنا كانت أعمق ما يوحد بين شخصين, أي ما يخرج كلاً منهما من نفسه لكي يذوب في الآخر. النشوة الجنسية هي, لذلك, حياة ثانية, أو حياة داخل الحياة, أو هي صورة عالية من الحياة الحقيقية الغائبة. وليست هذه النشوة حسية وحسب, كما تبدو ظاهرياً, بل هي مليئة بأشياء ما وراء الحس. الحب, عبر هذه النشوة, أبدي كالألوهة. أو هو جزء منها”
“وعي الاختلاف والفرادة، خاصية يتميز بها الإنسان وحده بين المخلوقات كلها. قتل هذا الوعي، بحجة أو بأخرى، بشكل أو بآخر، إنما هو نوع من نزع إنسانية الإنسان، ومن الهبوط به إلى مسستوى الكائنات غير العاقلة.”
“فكر الإنسان لا يولد إلا في تعارض مع فكر إنسان آخر . فإذا لم يكن تعارض لا يكون فكر ، بل يكون تقليد وفي أحسن الحالات شرح وتفسير”
“من يعيد تقييم الثقافة العربية ، اليوم ، وبخاصة في ماضيها ، هو كمن يسير في أرض ملغومة : يجد نفسه محاصرًا بالمسلمات ، بالقناعات التي لا تتزحزح ، بالانحيازات ، بالأحكام المسبقة . وهذه كلها تتناسل في الممارسة شكوكًا واتهامات وأنواعًا قاتلة من التعصب . فليس الماضي هو من يسود الحاضر، بقدر ما تسوده صورة مظلمة تتكون باسم هذا الماضي”