“الصغار الذين يواجهون الدبابة فى فلسطين، يفعلون عملاً جنونياً، يختارون لحظة مطلقة من المعنى، و القدرة، حرية مركزة و بعدها الموت، يشترون لحظة واحدة بكل حياتهم، هذا جنون، و لكنه جنون جميل لأن اللحظة أثمن من حياة ممتدة فى وحل العجز و المهانة ،،،”
“الصغار الذين يواجهون الدبابة في فلسطين, يفعلون عملا جنونيا, يختارون لحظة مطلقة من المعنى, والقدرة, حرية مركزة وبعدها الموت, يشترون لحظة واحدة بكل حياتهم, هذا جنون, ولكنه جنون جميل لأن اللحظة أثمن من حياة ممتدة في وحل العجز والمهانة. ”
“اللحظة الصادقة هى لحظة الخلوة مع النفس حينما يبدأ ذلك الحديث السرى,ذلك الحوار الداخلى,تلك المكالمة الإنفرادية حيث يصغى الواحد إلى نفسه دون أن يخشى أذناً أخرى تتلصص على الخط.ذلك الإفضاء و الإفشاء و الاعتراف و الطرح الصريح من الأعماق إلى سطح الوعى فى محاولة مخلصة للفهم,و هى لحظة من أثمن اللحظات.إن الحياة تتوقف فى تلك اللحظة لتبوح بحكمتها و الزمن يتوقف ليعطى ذلك الشعور المديد بالحضور حيث نحن فى حضرة الحق,و حيث لا يجوز الكذب و الخداع و التزييف,كما لا يجوز لحظة الموت و لحظة الحشرجة.و قد تأتى تلك اللحظة فى العمر مرة فتكون قيمتها بالعمر كله.أما إذا تأخرت و لم تأت إلا ساعة الموت,فقد ضاع العمر دون معنى و دون حكمة و أكلته الأكاذيب,و جاءت الصحوة بعد فوات الأوان.”
“و عندي أن الذين يرون فى "أبي بكر و عمر" مستبدين عادلين إنما يجانبون الصواب. أولاً: لان ابا بكر و عمر لم يكونا مستبدين لحظة من نهار. ثانياً: لانه ليس فى طول الدنيا و لا عرضها شئ اسمه "مستبد عادل". و لو التقت كل اضداد الحياة و متناقضاتها فسيظل الاستبداد و العدل ضدين لا يجتمعان، و نقيضين لا يلتقيان .. و إن أحدهما ليختفي فور ظهور الاخر ، لان ابسط مظاهر العدل و مطالبة أن يأخذ كل ذى حق حقة ، و اذا كان من حق الناس - و هذا مقرر بداهة - أن يشاركوا في اختيار حياتهم و تقرير مصائرهم ؛ فإن ذلك يقتضي فى اللحظة نفسها ، وللسبب نفسة - اختفاء الاستبداد. و لقد كان أبو بكر و عمر على بصيره من هذا ..”
“لم يكن الموت ما يخفيها , لم يعد الموت يخفيها .. من هى؟.. قطرة فى بحر, و البحر مواج بها و من غيرها. وان ماتت فهى واحدة من الآلاف الذين ماتو.. وان عاشت فهى واحدة من الملايين الذين اغتصبوا حقهم فى الحياة, لا, ليس هو الموت ما يخفيها, و لا العدو الذى يستتر خلف سور المطار, أن عدوها الرئيسى يرقد هنا, فى أعماقها : ضعفها.”
“ كنت أحس بأن يد الله قد ألقت بى فى تجربة فى لحظة من لحظات تاريخ الرعب البشرى . لحظة أول رعب نووى بلا حرب تعيشه الإنسانية .و إنى لمؤتمن على هذه اللحظة - ككاتب - فى حدود طاقتى و المتاح لى ( لكونى أجنبياً ) , و من ثم رحت أتعرض لما لا يعلمه إلا الله و السلطات العليا السوفيتية من جرعات إشعاعية . لم أستطع البقاء فى غرفة مغلقة النوافذ حين كان الربيع الشهير فى كل الدنيا - " ربيع كييف " - يزدهر بتوحش .. يتأجج بخضرة كثيفة و زهور و طيور و ثمار شتى تحت مظلة من الرعب النووى المحقق . الرعب اللامرئى الذى كنت فى أعماق قلبى لا أخشاه , ربما لأننى لم أكن أحسه , و أكثر .. لأننى أوقن فى قرارة نفسى أننى ابن موت . واحد من بشر قصار العمر يحيون فى العالم الثالث المكروب , فى الجنوب المتهالك , حيث القاعدة هى الشقاء و الموت المبكر , أما الاستثناء فأن يسعد الناس و يعمرون .”