“و مهما يكن, فإن هذه الصعوبات المهنية لم تكن تعني شيئاً على الإطلاق بالنسبة لهؤلاء الأساتذة الذين كان منهم متطوعون و آخرون يقنعون بمرتب زهيد و متقطع: بالطلاب لم يكونوا يدفعون رسوماً و الأساتذة كانوا يعتبرون العمل في هذه المدرسة واجباً وطنياً. و لذلك, فكما أن التحاقهم بهذه المدرسة كان تحدياً لمضايقات سلطات الحماية الفرنسية كذلك كان تحدياً للمشاكل المهنية, و في مقدمتها التدريس باللغة العربية التي كان عليهم أن يتعلموها و هم أساتذة يدرسون. إنه جيل الرواد... جيل التضحية من أجل الاستقلال الوطني و الإعداد له”
“الإنسان حيوان له تاريخ ! ما معنى ذلك ؟ معناه أن الميزة الأولى التي تميز الانسان من غيره من المخلوقات هي أن كل جيل من البشر يعرف تجارب الجيل الذي سبقه و يستفيد منها ، و إنه بهذه الميزة وحدها يتطور . و على العكس من ذلك الحيوان ، فالأسد أو القط أو الكلب الذي كان يعيش في الأرض منذ ألف سنة لا يمكن أن يختلف عن سلالته التي تراها اليوم في الصفات و الطباع و نوع الحياة”
“عذري أنني لم أكن أعرف... لم أكن أفهم... لم أكن أدري..!عذري أن شعري كان أسود و قلبي كان أبيضحين انداح العذر و غرق, و تحول الشعر إلى البياض و نضج, كان القلب يستعير من الشعر نضج لونه الأسود... و عاودت الأرض جريانها في الفضاء”
“كانت ملابسهم رثة، غير أن نظرات السلام و التصميم على النصر علت وجوههم و هم نائمون.. لقد أدركت الآن لماذا كان هؤلاء الرجال على استعداد للموت دون أن يهتز لهم جفن، ففي اليوم الذي قضيته معهم لاحظت مدى تمسكهم بدينهم و اعتصامهم بحبل الله .. و لم يخطر ببالهم و لو للحظة أن يضيقوا بما قسمه الله لهم مهما كان مصيرهم .. فقد كانوا يحمدون الله و هم تحت المشانق على نعمة الحياة التي وهبها الله إياهم و يتحملون أي معاناة .. كانوا هؤلاء الرجال النائمون أمامي فقراء و أميين .. فلم يعرفوا القراءة .. بل كانوا يكتبون أسمائهم بصعوبة .. و لكنهم كانوا بالنسبة لي أنبل من رأيت من البشر”
“رابعة تلك الملاحظات أن الإيرانيين لم يكونوا على استيعاب كاف لتطورات الوضع العربي ، التي هي في مجملها أقرب إلى السلب منه إلى الإيجاب ، ذلك أنه حتى قرب نهاية الستينات كانت للجماهير العربية قيادة متمثلة في جمال عبد الناصر . و كانت قيم النضال ضد الاستعمار و الثورة لاستخلاص الحقوق مما تبناه الشارع العربي و وقف وراءه . كان للجماهير العربية حضور ، فضلا عن أنه كانت ثمة قيادة تعبر عن ضمير تلك الجماهير و طموحتها . ابتداء من السبعينات تغيرت تلك الصورة ، غاب الرمز و غاب دور الشارع . و ظهرت خريطة من القيم السلبية الجديدة في الواقع العربي ، تتبنى الإنحياز إلى المعسكر الغبي من ناحية ، و ترفع شعارات الإقليمية و التجزئة من ناحية أخرى . و بدأت في العالم العربي مرحلة "الأنظمة" التي تعاظم دورها على حساب دور الشارع و الجماهير . هذه الظروف في مجموعها كان لها تأثيرها الضروري على القيادة الفلسطنينة . كان لابد لتلك القيادة أن تتعامل مع الواقع العربي بمتغيراته السلبية ، إذ لم تكن في موقف يسمح لها لا بتحدي هذا الواقع و لا بتغييره . و هذا ما لم تدركه القيادة الإيرانية ، و حاسبت الفلسطينيين من منطلق خاطيء تماما ، منفصل عن تلك المتغيرات في الواقع العربي .”
“نحن جيل رضع الإرهاب السياسي و لم يُفطم على اي حليب آخر، لذلك تراني مسكوناً بالذعر و أي شيء يخيفني، حتى لو كان مجرد فاتورة كهرباء”