“القوي الرجعية لا تزال في شتي أركان العالم العربي تبث في الناس تفسيراً معيناً لنصوص مقدسة تغالي في مدلولها و تفسرها بما يلائم مصالحها. و هو كما نعلم تفسير يبرر الفوارق بين الطبقات و يبرر الظلم و الأثرة و استبقاء التفاوت السحيق و الرضا بالشقاء و الحرمان علي وجه الأرض و حبس الأمل علي العدل الذي سيتحقق في ملكوت السماء في الدار الآخرة …”
“جميع الحكومات الرجعية التى لا تزال تُسيطر على أقطار كثيرة من الشرق و الغرب إنما تستند أساساً إلى سلطة الرجعيين من رجال الدين، هؤلاء الذين لا يزالون يعقدون مع قوى الإقطاع و الرأسمالية و التخلف حلفاً أثيماً يتقاسم فيه الفريقان ثمرات الظلم و الأثرة و الاستغلال و تفاوت الطبقات و خنق كل حركة هادفة إلى تنوير عقول الناس و إصلاح أحوالهم و تغيير أوضاعهم إلى ما هو أخلق بالعدل و المساواة و الحرية و الكرامة و التنور و التقدم ،،،”
“مجتمعنا هذا الذي يتشدق كل التشدق بالفضيلة و الأخلاق, قد تراضي علي قدر عظيم من النفاق; فهو يسكت عن عدد الرذائل الشنعاء التي تتستر وراء النفاق المنتشر و تضرب في جنبات بلداننا العربية فتجعلها مضرب الأمثال في العالم كله في حضيض الدعارة و البهيمية و الشذوذ. لذلك سيؤلمه أشد الألم; أن يقوم من مفكريه من يكشفون عنه قناع النفاق و يصرون علي تشريح آثامه, و سيرفض أن يسلم بأنهم محقون في نقدهم, و سيصب عليهم جام غضبه متهماً إياهم بأنهم هم الفاسدون الباغون للفساد …”
“أغلب أفراد مجتمعنا يتخذون نظرة معينة من هذا التاريخ و التراث، نظرة تبالغ في التقديس الأبله و لا ترى إلا فضائل و محاسن و صفحات مشرقة بيضاء و أمجاداً غراء محجلة؛ فماذا يكون حين يرى بعض مفكرينا أن واجب الأمانة العلمية يضطرهم إلى الكشف عن جوانب النقص و العيوب و الجرائم و المخازى؟!”
“إن العلماء القدامى أنفسهم قسموا أوامر القرآن و نواهيه إلى أبوب خمسة:باب الفرض و هو ما نلزم بفعله و نعاقب على تركه، و باب الواجب و هو ما يجمل بنا أن نفعله و لكن لا نعاقب على تركه و إنما نُلام على تركنا السلوك الأمثل، و باب المباح و هو يعنى التخيير المطلق دونما تفضيل للعمل أو للترك، و باب المكروه و هو ما ينبغى أن نتركه لكنه غير محرم و لا يستتبع فعله عقاباً، و أخيراً باب الحرام و هو ما يلزمنا تركه و يحق علينا العقاب إذا فعلناه ،،،”
“العالم مبني علي العدل و لا ظلم هناك. و ما ينزل بالإنسان من قدر هو بالفعل يستحقه .. و كما يفكر الإنسان يكون .. و كما تضمر في نفسك تسير حياتك.حكمة هندية لحكماء اليوجا”
“كم مرة كفرت مشيخة الأزهر آراء و اضطهدت مفكرين اتضح فيما بعد أنهم كانوا على صواب و أن العلماء الذين كفّروهم كانوا هم المخطئين. أجل! لقد كفروا السيد جمال الدين الأفغاني. و كفروا تلميذه الأستاذ الإمام و رموه بالزيغ بل بالإلحاد و كفروا المراغي و حاربوه طويلاً. و لا تزال حربهم العوان على الشيخ مصطفي عبد الرازق حرباً لم يلتزموا فيها حقاً و لا أدباً و لا تعففاً، حتى يُقال أنه مات غماً و حسرة ،،،”