“نعم، ألمت الغفوة بالعربي المعاصر، وأضناه التيه بعد حضارة دامت قرونًا، كان خلالها ملء السمع والبصر؛ عاد إلى جاهليته الأولى بعد أن أخرجه الإسلام من الظلمات إلى النور؛ عبد السلطة والمال وملذات الحياة فتخلف به ركب الحضارة، وأفلتت الريادة من بين يديه؛ قفز الآخرون من فوق أكتافه، فاكتفى بالانزواء في ركنٍ بعيد منسيٍ من أركان الحضارة، لا يملك إلا اجترار الماضي المزهر لأسلافه، وأسلافه – إن بُعثوا – منه بُرءاء! ... تقرع آذانه أرقام الحقائق، وهو في سُباته القاتل غافل ومنعم بدفء الفساد!”
“لم يفطن العربي المعاصر إلى أن العلم والمعرفة هما الحد الفاصل بين المتبوع والتابع ... الآمر والمطيع ... الصانع والمستهلك، ولو تتبعنا المقارنات الإحصائية الصادرة عن المؤسسات والمراكز البحثية المعاصرة بيننا وبين الآخر، وبصفة خاصة اليهود، لوجدنا أنفسنا أمام أرقام تكشف عن حقائق مخيفة ترسم معالم المستقبل الذي ينتظرنا، وهي أرقام لا تستحي أن تُعلن عن نفسها بعد أن افتقدت عقولنا لقيمة الحياء من غفوتها، وتورات حُمرة خجلها خلف أسوار تخلفها؟.”
“جميعنا كأفرادٍ على خط الزمان سواء، لكن منا المتقدم ومنا المتأخر، منا المُحسن ومنا المسيء، ينتظرنا جميعًا مصيرٌ واحد، ولقاءٌ واحد، نُسأل فيه عما قدمنا، فمنا الفائز ومنا الخاسر ... جميعنا أيضًا كشعوب وأوطان وحضارات على خط الزمان سواء، لكن منا المتقدم ومنا المتأخر، منا من حرث وزرع، وهو الآن يحصد أو يستبشر بحصاده، ومنا من استلقى على ظهره مستسلمًا لخموله العقلي والمادي، منتظرًا أن يأكل من حصاد الآخرين، أو بالأحرى من فتات موائدهم، فإما أعطوه وإما منعوه. فأين ومتى وكيف أنت يا وطني في تلك اللحظة الهاربة من حاضرك؟ زرعت في صدر الإسلام وحصدت، بل وأكل من حصادك الآخرون، لكنك رُحت بعد ذلك – وإلى الآن – في سُباتٍ عميق، تنتظر حصادهم في خشوع ذليل ... افترشت أرضًا تبكي حضارتها وريادتها وقدسيتها، واكتفيت بحضارة الأسلاف كغطاءٍ بات لا يُجدي نفعًا ... يخطو من فوقك الأخرون من كل حدبٍ وصوب ... يدهسونك بأحذية حضارتهم الثقيلة ... يتأهبون لإعلان وفاتك، إن لم يكونوا قد أعلنوها حقًا فيما بينهم! ... ألا توقظك تقلصات وأوجاع الأحشاء بداخلك؟ ألا توقظك الكدمات الدامية التي نقشوها فوق جسدك العليل؟ ألا توقظك صرخات قلب ينبض عل استحياءٍ بصدرك؟ ألا توقظك دقات ساعة مكة وقد باتت أكبر ساعة في العالم، وهي تعلو بآذانها في أشرف بقاعك؟ ألم يأن لك يا وطني أن تصحو من غيبوبتك الطويلة، تنفض غبار الجهالة والتخلف لتعلو هامتك؟ (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ).”
“العقل الذي لا يتصور أن الحياة البشرية قادرة على صنع الحضارات، بلا استناد إلى طريقة العيش الغربية واعتناق مبادئ الحضارة الغربية عقل قد أسقط من حسابه أن الحضارات، قامت وبادت, من قبل أن تكون الحضارة الغربية وأصولها جميعا على ظهر الأرض, وأن هذه الحضارات إذا بادت واستؤصلت، فالإنسان أيا كان بعد ذلك, قادر على أن يبني حضارة جديدة تناقض هذه الحضارة الغربية في طريقة العيش، وفي المبادئ التي يدعيها”
“الدعوة إلى الوعي الإنساني لا بد أن تسبق الدعوة إلى الوعي القومي، خلافاً لما يتوهم بعض المتوهمين: فإنك لا تستطيع أن تحرك فرداً من الأفراد إلى معنى أو عمل ينفع قومه، مالم تحرك فيه إنسانيته أولاً. ولا ريب أن من لوازم الإنسانية الإيثار والغيرية، والعمل من أجل المجموع، والتحرر من الأثر والأنانية. وكل دعوة قومية لا تعتمد على دعوة إنسانية يكون نصيبها الفناء.”
“أهم شىء هو أن الأغلبية التى ليست لديها أية انتماءات ليست راضية ووصلت إلى طريق مسدود من اليأس. الغالبية تحتاج حتى لا تموت إلى استنشاق نسمة من العدالة والحرية.”
“من لا يملك يجود على من لا يستحق، كأن بلادنا مزرعة خاصة لهم.”