“ما كان لي صديق لأخسره. أصدقائي سقطوا من القطار. عندما تغادر وطنك، تولي ظهركلشجرة كانت صديقة، ولصديق كان عدواً. النجاح كما الفشل، اختبار جيد لمن حولك، للذيسيتقرب منك ليسرق ضوءك، والذي سيعاديك لأن ضوءك كشف عيوبه، والذي حين فشلفي أن ينجح، نذر حياته لإثبات عدم شرعية نجاحك.الناس تحسدك دائماً على شيء لا يستحق الحسد، لأن متاعهم هو سقط متاعك. حتى علىالغربة يحسدونك، كأنما التشرد مكسب وعليك أن تدفع ضريبته نقداً وحقداً، وأنا رجل يحبأن يدفع ليخسر صديقاً. يعنيني كثيراً أن أختبر الناس وأعرف كم أساوي في بورصةنخاستهم العاطفية .-وكيف تعيش بدون أصدقاء؟-لا حاجة لي إليهم.. أصبح همي العثور على أعداء كبار أكبر بهم. تلك الضفادع الصغيرةالتي تنقنق تحت نافذتك وتستدرجك إلى منازلتها في مستنقع، أصغر من أن تكون صالحةللعداوة. لكنها تشوش عليك وتمنعك من العمل.. وتعكر عليك حياتك. إنه زمن حقير، حتىقامات الأعداء تقزّمت، وهذا في حد ذاته مأساة بالنسبة لرجل مثلي حارب لثلاث سنواتجيوش فرنسا في الجبال.. كيف تريدني أن أنازل اليوم ضآلة يترفع سيفك عن منازلتها؟-أنت إذن تعيش وحيداً؟رد مبتسماً:-أبداً ..أنا موجود دائماً لكل من يحتاجني، إني صديق الجميع ولكن لا صديق لي.////-الفاجعة.. أن تتخلى الأشياء عنك، لأنك لم تمتلك شجاعة التخلي عنها. عليك ألا تتفادىخساراتك .فأنت لا تغتني بأشياء ما لم تفقد أخرى. إنه فن تقدير الخسائر التي لا بد منها .ولذا، أنا كصديقي الذي كان يردد " لا متاع لي سوى خساراتي. أما أرباحي فسقطمتاع"،أؤثر الخسارات الكبيرة على المكاسب الصغيرة. أحب المجد الضائع مرة واحدة.لو تدري كم من الأمور الغريبة كنت شاهداً عليها. لو تدري لبلغت عمق رحم الحكمة.///ثمة حكمة لا تبلغها إلا في عز وحدتك وغربتك، عندما تبلغ عمراً طاعناً فيالخسارة. تلزمك خسارات كبيرة لتدرك قيمة ما بقي في حوزتك، لتهون عليك الفجائعالصغيرة. عندها تدرك أن السعادة إتقان فن الاختزال، أن تقوم بفرز ما بإمكانك أن تتخلصمنه، وما يلزمك لما بقي من سفر. وقتها تكتشف أن معظم الأشياء التي تحيط بها نفسكليست ضرورية، بل هي حمل يثقلك.//-عندما تهجرك أعضاؤك، وتتخلى عنك وهي من لحمك ودمك، عليك ألا تعجب أن يتخلىعنك حبيب أو قريب أو وطن.. فما بالك بلوحة؟//" إن الوفاء المبنيعلى الرعب الوبائي، كالسلام المبني على الرعب النووي ,لا يعول عليه. فاختر صفك يارجل.. ولا تحد عنه، كن خائناً بجدارة.. أو مخلصاً كما لو بك مس من وفاء"!//تجمع حولك أشياء بديلة تسميها وطناً. تحيط نفسك بغرباء تسميهم أهلاً. تنام في سريرعابرة تسميها حبيبة. تحمل في جيبك دفتر هاتف بأرقام كثيرة لأناس تسميهم أصدقاء. تبتكرأعياداً ومناسبات وعناوين وعادات، ومقهى ترتاده كما تزور قريباً.أثناء تفصيلك لوطن بديل، تصبح الغربة فضفاضة عليك، حتى لتكاد تخالها برنساً. غربةكوطن، وطن كأنه غربة. فالغربة فاجعة يتم إدراكها على مراحل، ولا يستكمل الوعيبها، إلا بانغلاق ذلك التابوت على أسئلتك التي بقيت مفتوحة عمراً بأكمله، ولن تكون هنايومها لتعرف كم كنت غريباً قبل ذلك، ولا كم ستصبح منفياً بعد الآن!”