“وكأنه الذي يقبض الروح في كـفِّـه حين موتها هو الذي يلمسها عند الفراق بأطراف أصابعه!”
“ما الفراق إلا أن تشعر الأرواح المفارقة أحبتها بمس الفناء لأن أرواحاً أخرى فارقتها؛ ففي الموت يُمسُّ وجودنا ليتحطِّم، وفي الفراق يُمسُّ ليلتوي؛ وكأن الذي يقبض الروح في كفه حين موتها هو الذي يلمسها عند الفراق بأطراف أصابعه! وإن الحبيب وجود حبيبه لأن فيه عواطفه، فعند الفراق تُنتزع قطعةٌ من وجودنا فنرجع باكين، ونجلسُ في كل مكانٍ محزونين، كأن في القلوب معنىً من المناحة على معنًى من الموت! وكلُّ ما فيه الحب فهو وحده الحياة ولو كان صغيراً لا خَطَر له، ولو كان خسيساً لا قيمة له، كأن الحبيب يتَّخذ في وجودنا صورةً معنويةً من القلب! والقلب على صِغَره يخرج منه كلُّ الدم ويعود إليه كل الدم. في الحبّ يتعلم القلبُ كيف يتألم بالمعاني التي يُجرِّدها من أشخاصها المحبوبة وكانت كامنة فيهم، وبالفراق يتعلّم القلب كيف يتوجَّع بالمعاني التي يجرِّدها هو من نفسه وكانت كامنةً فيه. فترى العمرَ يتسلَّل يوماً فيوماً ولانشعر به، ولكن متى فارقنا من نحبهم نبَّه القلب فينا معنى الفراغ؛ فكان من الفراق على أكبادنا ظمأٌ كظمإ السقاءِ الذي فرغ ماؤه فجفَّ وكان الفراقُ جفافَه. ألا ياطائر الحب، إن لك إذا طرت جناحين؛ فما أقرب من هو على جناح الفراقِ ممن هو على جناح الهجر.”
“وأن لهفة الحرمان هي التي تضع في الكسب لذة الكسب، وسعار الجوع هو الذي يجعل في الطعام من المادة طعامًا آخر من الروح”
“فإني رأيت الذي لا يفكر في معاني الجمال حين يمتنع ويبعد لا يدرك كل معانيه حين يمكن ويدنو.”
“وأي شيء لا صبر عليه عند الرجل المؤمن الذي يعلم أن البلاء مالٌ غير أنه لا يوضع في الكيس بل في الجسم؟”
“لا يسعد أحد بشعور غيره؛ وطبيعي أن يكون هذا هو الذي يجعل السعادة ممكنة في الناس، ولكن العجيب أنه هو الذي يجعلها غير ممكنة، إذ لا يريد كل إنسانٍ لنفسه إلا شعور غيره”
“الجمال الذي يرضيك هو الذي يشف عن صورة روحك بغير ما يخيّلها لك ماء الحياة العكر”