“و من المؤسف أنك حين تلتقي بكثير من صانعي الخطاب الاسلامي تجد أن طروحاتهم و رؤاهم و آمالهم في الاصلاح و التجديد و النهضة بعيدة كل البعد عن اعتبار المعطيات الجديدة، و ذلك لأنهم يفكرون بالطريقة نفسها التي فكر بها أسلافهم قبل ثلاثة قرون.”
“و حين تجول العين و القلب في مصارع القرون. و حين تطالع العين آثارهم و مساكنهم عن كثب، و حين يتملى الخيال الدور و قد خلت من أهلها الأول؛ و يتصور شخوصهم الذاهبة، و أشباحهم الهاربة، و حركاتهم و سكناتهم، و خواطرهم و أحلامهم، و همومهم و آمالهم.. حين يتأمل هذا الحشد من الأشباح و الصور و الانفعالات و المشاعر.. ثم يفتح عينه فلا يرى من ذلك كله شيئاً إلا الفراغ و الخواء.. عندئذ يستيقظ للهوة التي تفغر فاها لتبتلع الحاضر كما ابتلعت الغابر. و عندئذ يدرك يد القدرة التي أخذت القرون الأولى و هي قادرة على أن تأخذ ما يليها. و عندئذ يعي معنى الإنذار، و العبرة أمامه معروضة للأنظار. فما لهؤلاء القوم لا يهتدون و في مصارع القرون ما يهدي أولى الألباب؟”
“إن الباحث الحقيقي عن سر نفسه و سر الوجود سيجد في كل لمحه و في كل تفصيل و في كل خاطره و في كل فكر مشكله, و ستتكشف له مع كل مشكله جزء من الحقيقه”
“و مهما يكن من شيء، فإنه لا يجوز علاج الرفض بالفرض، فالشباب حين يسرفون في طلب الحرية و لو بالفوضى، و في انتزاع الاستقلال و لو بالتمرد على كل نظام، إنما يعبرون عن رغبتهم في رفض ما يفرض عليهم، و كلما أكثرنا من التوجيهات و التعليمات التي نحاول أن نفرضها عليهم فرضاً بأسلوب التلفين المباشر، أو الوعظ المباشر، أكثروا من الثورات النفسانية اللاواعية و اللامسؤولة، و من صور الرفض و التمرد و العقوق.”
“من نسي أن الله يراه، سينسى أن يرى دموعك حين تبكين ظلمه...و من لم يُطمئن الإيمان قلبه، سيسوء ظنّه، و يسوّد باطنه، و يسكن الوسواس قلبه و لن تعرفي معه الأمان... و من ترك صلاته و صيامه بذرائع واهية، و قد تربّى عليها، سيعثر حين يشاء عن الذرائع التي يحتاجها لتركك....و من لا يستح من ملاقاة الله مذنبًا، سيُذنب في حقّك دون شعور بالذنب”
“هذه القمة الشامخة من السمو النفسي لم يبلغها المسلمون الأولون برسوم العبادة من غير توجيه، و لا بتوجيهات الدين من غير تشريع، بل نفحتهم بها هذه الشريعة المطهرة التي لا تني توجه حين تشرع، و تشرع حين توجه، و تحقق الجوهر في كل التعاليم، و تجعل الوصول إلى الله و التنعم برضاه غاية المؤمن الأساسية: (و رضوان من الله أكبر، ذلك هو الفوز العظيم).”