“وإذا فتحت باب غرفتي فلن أسمع: صباح الخير يا حبيبي.. التي أجدها ضاحكة على وجه أمي.. تصور إنني أسمع هذه العبارة لمدة 30 سنة متوالية دون أن تتعب أمي في تكرارها.. صحيح أن الأم هي الإنسان الوحيد الذي لا يتعب من الحب.. انتهى كل هذا.. والآن بدأت المرحلة التي نشتري فيها الحب.. نهضت من الفراش وأنا لا أعرف بالضبط ماذا عساي أن أفعل، فهذه هي المرة الأولى التي أجدني فيها أمام نفسي وجها لوجه.. وكنت أقول لنفسي: هل معقول أن تطلع الشمس في مثل هذا اليوم.. هل معقول أن تطلع الشمس غدا إذا فاتها أن تطلع اليوم.. وكنت أقول لنفسي: لا أعتقد ذلك.. هل معقول ألا يشعر أحد بهذه الكارثة التي حدثت لي”
“وعاد الشيخ عبدالسميع يقول: وفوجيء صاحب المزرعة الاسترالي بأن قارئاً من أصل عربي يكتشف أن الوردة مكتوب عليها كلمة: اللهقال الأستاذ [العقاد]: بأية لغة يا مولانا؟أجاب عبدالسميع: بالعربية يا أستاذ .. ويقال إنهم وجدوا كلمة: محمد .. أيضاً .. ألا ترى في ذلك معجزة يا أستاذ؟ .. هل الإنسان في حاجة إلى دليل أقوى من ذلك على وجود الله؟ .. سبحان الله .. ماشاء اللهقال الأستاذ: يا مولانا .. وهل نحن في حاجة إلى أن نقرأ اسم المهندس الذي أقام الهرم الأكبر لنعرف أن مهندساً كبيراً قد أقامه؟ .. إن في قيامه وبقائه هكذا أكبر دليل على أن عقلية جبارة وراءه [..] وحتى إذا لم يجد الناس كلمة الله أو محمد على هذه الوردة، فنحن لسنا في حاجة إلى دليل على تنوع القدرة الإلهية في إبداع الكائنات .. النباتات والحشرات والحيوانات والإنسان والنجوم والكواكب. إن بعض الناس يتصور أن هناك طيوراً تقول لا إله إلا الله .. ولكن إذا كانت هذه أدلة على وجود الله، فالذي لا يعرف اللغة العربية لا يجدها كذلك .. ثم إن هذه الطيور أو هذه النباتات إذا كانت موجهة إلى كل البشر فلا ينبغي أن تكون بلغة واحدة .. إنما تكون بلغة كل دولة .. ولكن هذا خطأ في فهم قدرة الله .. فالله في كل لغة له كلمة. وكل كلمة لها تاريخ .. فالكلمات وأصولها لا تهم .. ولكن المعاني هي التي تهم .. فالله معنى وقدرة مطلقة لا أول لها ولا آخر .. وهذا المعنى هو الذي عبر عنه الإنسان من نصف مليون سنة .. ويظهر هذا المعنى على أدوات الطعام والعمل والعبادة في كل مكان عاش ومات فيه الإنسان”
“قررت ان امسك نفسي..ألا اصرخ. ألا أكون عصبيا. قررت ألا تكون لي اعصاب.قررت أن أكون مثل بيت انقطعت منه أسلاك النور والراديو والتليفون.وحتى عندما تسرى الكهرباء في هذه الأسلاك يجب أن تكون فلسفتي هي: ودن من طين والودن الثانيه من طين ايضا.لماذا؟ لأنه لافائده من الصراخ لافائده من الثوره.. فأنا لااستطيع أن اصلح الدنيا حولي. ولا أستطيع أن أغير طباع الناس كي تعجبني .يجب أن اتغير أنا. لالكي أعجب الناس، ولكن لكي أعيش مع الناس، حتى لا أصطدم بالناس.. أو على الأقل لكي استريح..وأقسمت بيني وبين نفسي أن تكون هذه هي فلسفتي اليوم فقط.. واليوم على سبيل التجربه.”
“إنني لم أعرف الكثير جداً من هذه الدنيا، ولم أعرف إلا القليل جداً من نفسي.. فعيناي مفتوحتان على الدنيا، ولكنني بلا عينين عندما أنظر إلى داخلي.. إلى الزحام داخلي.. إلى الوحشة المظلمة في أعماقي.. إلى الإنسان الذي نسيته يصرخ ولا أسمعه ولا أتبينه.. ولا أعتقد أنني سأستطيع يوماً ما.. فقد اتسعت المسافة بيني وبينه.. أو.. بيني وبيني.. وإنني في حاجة إلى ترجمان. ترجمان صديق.. يخبرني ماذا أريد أن أقول لنفسي.. ماذا أريد من نفسي، ماذا أستطيع.. ما الذي أقدر عليه..”
“قصة ابن لأم مريضة تعبت وشقيت حتى تعلّم ابنها وعمل!لا أقول هذه القصة ولا أحبها، وأرفضها فهي مليئة بالادعاءات .. فأولا: أتصور أنني كنت فقيرًا وأنا اليوم غني .. وهذا وهم ..ثانيًا: كأنني أقول إنني كنت لا شيء ثم أصبحت شيئًا .. وهذا وهم .. وثالثًا: كأنني أريد أن أقول إن المسافة بيني الآن وبين الماضي قد بعدت في الزمان وبعدت في المكان، وأنني لابد أن أذكرها حتى لا ينسى الناس ..الناس؟، وهل هذا مما يعني الناس؟، إن أحدًا لا تعنيه هذه القصة ..ثم هناك وهم آخر، هو أنني قطعت الطريق وحدي دون مساعدة من أحدٍ أو دون حظ؟لا شيء قد تغير .. لا شيء .. فأنا مازلت فقير النفس .. متسول العقل .. مهلهل القلب .. وأنا وأفكاري وعواطفي على باب الله!”
“وعدت أقول لها: ولا حتى الحب؟! فأشارت إلى إصبعها.. إلى الخاتم الذي رأيته من اللحظة الأولى.. إنها صغيرة.. إنها لا تعرف أن الخاتم لا يدل على الحب.. ولا الحب يدل عليه الخاتم.. وأن الخاتم يشغل هذا المكان من الإصبع.. ولكن الحب يشغل كل شيء ولا يبدو كالخاتم.. ولا لامعا كالخاتم.. ولا خانقا كالخاتم!”
“انا كلما رأيت بيتاً ينهار حسدت البيت المنهار، وكلما رأيت بيتاً يقام حسدت البيت الجديد ... إني لست حاسداً أحداً ولا حاقداً على أحد، ولكنني .... أريد أن ينتقل بعض هذا الطوفان إلى نفسي ... أريد أن ينتقل إلى قلبي إلى عقلي ... أريد أن ألقي بالبيوت القديمة إلى الماء، أريد أن أغرق الأوهام التي تعيش في نفسي والتي تعيش فيها نفسي ... أريد أن تذوب دموعي الجافة ، أريدها أن تذوب، ولكن فطوفان جديد ... أريد طوفاناً لا يترك في نفسي إلا القليل الذي أنجو به كمان نجا نوح عليه السلام، لتستمر حياتي من جديد .... أريد أن أنزل من بحر هائل، وأن يظل رأسي فوق الماء، كي أتمكن من السباحة ومن النجاة ... ومن معاودة الغرق من جديد”