“وتساءل كيف يمكن التكفير عن هذه الجريمة؟ إن مآثر (جبل) و(رفاعة) و(قاسم) مجتمعة لا تكفي. القضاء على الفتوات وإنقاذ الحارة من شرورهم لا يكفي. تعريض النفس لكل مهلكة لا يكفي. تعليم كل فرد السحر وفنونه وفوائده لا يكفي. شيء واحد يكفي، هو أن يَبلغ من السحر الدرجة التي تمكنه من إعادة الحياة إلى الجبلاوي! الجبلاوي الذي قَتْلُه أسهل من رؤيته.”
“في كل شبر من هذه الحارة تجد دليلا على وجود الفتوات، ولكنك لن تجد دليلا واحدا على وجود أناس مثل جبل أو رفاعة أو قاسم.”
“الحق أني أريد أن أطَّلِع على الكتاب الذي طُرد بسببه (أدهم) إن صدَقَت الحكايات. وماذا يهمك في ذلك الكتاب؟ لا أدري ما الذي يجعلني أومن أنه كتاب سحر! وأعمال الجبلاوي في الخلاء لا يفسرها إلا السحر لا العضلات والنبوت كما يتصورون.”
“و لم يكن يعي ما يفعل و لا يقدر عاقبة تصرفه، و كل ما يمكن قوله انه مسه سحر الإفتتان فأطاع وحيه و أصاخ إلى نداءه، فأنطلق يعدو إلى غايته المجهولة مدفوعا بعاطفة قهارة لا تقاوم، فقد اصابه مس من الإفتتان، و استقر الإفتتان في قلب شجاع لا يهاب الموت، جسور لا يلوي على المخاطر، فكان من الطبيعي أن ينطلق لأنه ليس من عادته أن ينكمش، و ليكن ما يكون”
“لا أعني أن الحب يحدث حتما من أول نظرة، و لكن النظرة الأولى تكفي لاكتشاف من تربطهم بنا صلة روحية عسية أن تصير الحب نفسه! أليس يقولون أن الأرواح تتخاطب بغير إحساس البتة؟! فنظرة واحدة تبلغ بالروح فوق ما تريد..أما الحب الذي تلده الأيام و تنبهه المعاشرة فمرجعه على الغالب العادة أو المنفعة، أو غيرهما من القيم التي لا تدرك إلا بالروية و الإمهال”
“الخوف لا يمنع من الموت و لكنه يمنع من الحياة.”
“و سرعان ما عادت الفتونة إلي سابق عهدها قبل عاشور الناجي. فتونة علي الحارة لا لها، و لا خدمة تؤديها إلا خدمة الدفاع ضد الفتوات الآخرين. و حتى في هذه الناحية اضطر "عتريس" إلى مهادنة أعداء و محالفة آخرين، بل حتي الإتاوة دفعها إلي فتوة الحسينية ليتجنب معركة خاسرة. و كلما هان خارج الحارة زاد طغيانا و صلفا داخلها. و أهمل أختة فتحية و أكثر من الزواج و الطلاق. و استأثر بالإتاوات هو و عصابته علي حين أغدق علي الحرافيش الزجر و التأديب، و أنزل الوجهاء-على حد قول سعيد الفقي شيخ الحارو- حيث أنزلهم الله سبحانة و تعالى..”