“أنا في السرداب ، على سبيل التغيير ، لا أستطيع النوم ، لابدّ أن أكتب ! الشيء الوحيد الذي يبدو ذا معنى في وقتٍ كهذا ، أن أكتب ! أشعر بي أسيل خارجي في كل حرف، إنها طريقتي في الانتحار لأنني .. لم أتصالح في يوم مع واقعٍ .. ما فتئ يخالف الافتراضات الساذجة لذهنيّتي ، الكتابة حلٌ معقول ، إنها تجعلني أتواجد بشكل حقيقي، و أشعر بي أمتدّ خارجي إلى المقدّس، ذلك الذي لا أستطيع لمسه و لا التعمّد فيه و لكنني – و ليتبجل الرب ! – أراه ، أشعر بي أنسلخُ عني، أستحيل ريحاً، أتجرّد من أهدابي وشفتيّ و أنفي، أشعر بي أنا، أملكُ العالم كله بين قبضتي، أحاصره في تلك المسافة الضئيلة من الفراغ ما بين الطرف المدبب للقلم البنفسجي، والورق الموحش في بياضه”
“ماذا عني و أنا أعلم أني لا اكذب و لا أنافق لكنني أركض و كأنني في صراع مع عمري الذي أشعر أنه يسرق من بين يدي..؟؟!!”
“أحدنا غائبٌ عن الآخر حتماً، أنا.. أو هذا العالم، و طالما أن العالم كبيرٌ كفاية، سيكون إجحافاً بعظمته أن أتهمه بالغياب، لكنني لا أشعر به، و أنا أجزمُ يقيناً بأنه لا يشعر بي.. كلانا في نظر الآخر، كذبة ! ”
“عادة ما أشعر أنني خفيفة قادرة على أن أطير ، و أطير ، فعلاً لا مجازاً .كنت أطير و أنا ألاعب الولدين في البيت حتى يشكو الجيران من صخبنا.أطير و نحن نركض في حديقة الحيوانات أو حديقة الأسماك ، يحاول الولدان اللحاق بي فلا يستطيعان . أطير و إن بدا ذلك غريبا ، و أنا مستقرة في مقعد أقرأ رواية ممتعة ، أو أترجم نصاً جميلاً ، أو أفِنّ طبخة لم ترد في كتاب أو خاطر ، أغني بالصوت الحيّاني في الحمام فأفسد اللحن بالنشاز و صوت إندفاع رشاش الماء على رأسي و جسمي. و أذكر الآن أنني طوال العامين اللذين شاركت فيهما في الحركة الطلابية كنت أطير إلى الجامعة،أطير إلى قاعة الاعتصام و أطير إلى المظاهرة.”
“بي ما علمت من الأسى الدامي و بي من حرقة الأعماق ما لا أعلمبي من جراح الروح ما أدري و بي أضعاف ما أدري و ما أتوهّمو كأنّ روحي شعلة مجنونة تطغى فتضرمني بما تتضرّمو كأنّ قلبي في الضلوع جنازة أمشي بها وحدي و كلّي مأتمأبكي فتبتسم الجراح من البكا فكأنّها في كلّ جارحة فم”
“أشعر بأني موشك على انكسار قريب و سأنزلق قريباً في الشفقة علي الذات. سأكون فيها أنا الكسير وأنا الذي يربت كتف نفسه. مرت بي هذه الحالة الملعونة آلاف المرات وفي كل مرة أدلف إليها من باب مختلف”