“انزلاقها كان مؤكدا ، لكنها لم تكن تسمع لصوت العقل الذي أرقها ( إن انهزام العقل هو انتصار وهمي وفرحة وقتية للقلب ) هكذا دائما كانت تسمع من فم جدها العجوز المثقف.كلمات الجد كانت لميّ حاجزا بينها وبين ما أرادت، تمردت وحين خسرت ذهبت إلى قبره تبكي .( ما البكاء إلا انعدام حيل )واحدة من حكمه التي لم تكن تنضب ولم تجد آذانا تستمع لها.”
“بينها وبين النوافذ عشق غريب، وقفت خلف زجاج النافذة تستطلع حبات المطر المتساقطة، تلهث وتعبث ببخار الماء المتكثف على الزجاج بحروف اسمها كالأطفال، النافذة حلم لا يتحقق ولكنه يؤكد وجوده.النافذة براح من لا يملك البراح هكذا يخبرها هشام كلما وجدها تتجه نحو الشباك، تزيح ستائره وتنظر للفراغ دون التركيز على شيء.- وجدي كان يكره النوافذ يعتبر فتح النافذة هو دعوة للآخرين للدخول دون إذن مسبق لاقتحام حياته.- هذا لأنه دائما لديه ما يخفيه.ارتجفت فجأة، احتوتها ذراعاه، الدفء المتسلل لجسدها دفع بها للبكاء، لم يسألها لماذا تبكي ؟ فقط صمت وهو يحضن وجعها.كثيرا ما شكَّت أنَّ ما تحسه تجاهه امتنانا وليس حبا، لكنها تشتاقه، تُراه يُحبها ؟! شك دائما يحاصر شعورها نحوه كلما تركت العنان لنفسها.”
“حين توشك على السقوط تجد إشارة تدلك أنه ما كان سقوطاً وإنما كانت رحمة الرب لتتعلم كيف تقف”
“على قارعة الطريق وقفت تعجبوا صمتها ، دموعها الأكثر صمتا ربت البعض على كتفيها، قبَّل آخرون يديها، لا نطقت ولا كفكفت دمعها، جاءها البعض محدثا، معاونا، مشاركا حتى البكاء، لا نطقت ولا كفكفت دمعها، حاولوا جذبها لتتحرك، لتهجر موطنها الذي اختارته، لم تتحرك، دفعوها لتسقط لم تنحنِ، إزدادت صمتا على صمت، جاءها من بعيد أحدهم اخترق الجموع تعلقت عيناها به كما لو كانت تنتظره قبَّلت جبينه مسحت دماءه بثوبها احتوته في حضنها غاب عن بصر الجميع ، شاهدوها تعود لحالها وبين حين وآخر يأتيها واحد تمسح دماءه تخفيه بحضنها زادت مساحة الأحمر على ثوبها كل يوم هي كما هي لكنها لم تنحنِ إلا لدمائهم.”
“هناك على تلك الحافة التي تعرفينها تحلق الطيور ، ترفرف بأجنحتها، هناك أيضا شمس ليست حنون وقمر ما اعتاد الاكتمال تعرفين أن الحرف حين يرتبط بالآخر قد يصنع كلمة وقد يصنع حرف جر للهاوية تعرفين أيضا أن النور إن لم يكن من داخلنا فلن يهبنا إياه أحد ، قد لا تتقنين غير حرفة الكلام قد لا تعرفين من أمور النساء الكثير لكني أعرف أنك حين تحبين تملكين الكون فهل فعلا أدركتيه أم لم تدركي أن الكون هو تلك الحافة التي تعرفينها ؟”
“يتشابك الحلمُ ، تتوارى الحقيقةُ ، وتبقى البداياتُ الأسطوريةُ التي لا نعرف لها منبتا حتى ولو كانت بداياتٍ ، مقررٌ لها أن تكون .”
“يعني إيه كلمة وطن ؟ يعني أرض، حدود، مكان، ولا حالة من الشجن ؟وضعت عايدة الأغنية على صفحتها بالفيس بوك ، انهالت عليها التعليقات تثني على ذوقها في اختيار أغنية محمد فؤاد.حين وضعتها انتظرت أن يصرخ كل منهم بما يمثل له الوطن هل هو كما كتبه مدحت العدل وغناه محمد فؤاد ؟ أم أنه شيء آخر.لم يشف أحد فضولها لمعرفة ماهية الوطن لدى كل منهم.وحدها رضوى كتبت لها جزءا من الأغنية : شاي بالحليب على قهوة في الضاهر هناك، نسمة عصاري السيدة ودير الملاك.ثم كتبت لها : اشتقت لجلستنا في شرفة منزلك يا أبلة عايدة، تحتضننا نباتاتك بظلها.- اشتقت لحضن حكاياتنا.- هذا هو الوطن.دخلت شيري وكتبت: كحك العيد أتذكرين يا أبلة عايدة.عايدة : أبوكِ كان أحسن واحد ينقش الكحك.رضوى : خالتي ماتيلدا كانت تلقي بكل ما نصنعه أنا وشيري.- ههههههههه- ههههههههبتن كأنهن يجلسن في بيت إحداهن، يجتمعن حول مائدة حوار لا ينتهي، يتقاذفن ذكرياتهن كأنها كرة تركلها قدم واحدة، تدفعها يد الأخرى، تحركها رأس الثالثة؛ بلا رغبة أكيدة في انتهاء اللعبة.عقب هشام ضاحكا : كأنكن تجلسن على شاطئ ترعة بلدنا.ثم أكمل الأغنية : نشع الرطوبة في الجدار، ولا شمس مغرقة برد النهار، ولا أمك ولا أختك، ولا عساكر دفعتك والرملة نار.فكتبت رضوى : وأما نسافر والحدود يفصل ما بينها ألف ميل بنسيب سنين الحب والعمر الجميل.اختلفت أحاسيسهم تجاه وطنهم لكنها تصب في كلمة واحدة ... الحب.”