“راح ثائر أخوك. . .وراحت تشم في جسدي رائحة ثائر الذي فقدته في قادسية صدام.عملنا الكثير لكي نخفف بعضاً من الحزن الممض الذي يثقل قلبها. لكن هذه المرأة العنيدة ماأرادت أبداً أن تنسى. فقد بقيت صورة ابنها الفقيد ماثلة أمامها ليل نهار، كل متعة حقيقية تذكرها بحقيقة أن أخي ثائر ليس معنا، وأن كل سعادة مهما كانت صغيرة مستحيلة بدونه. ولذلك يفرك الندم قلبها كلما شعرت بلحظة خاطفة من السعادة. عرفناها إلى ثكالى فلسطينيات فقدن ولدين أو أكثر، أخبرنها عن مصائبهن عل مصيبتها تهون، ولكن المحاولة أخفقت، لأن ابنها يختلف عن أبناء الأخريات، بكونه ابنها. كانت تغيب عن أكثر المشاهد وضوحاً وجمالاً وتعاقب نفسها على أي متعة تستهويها بأن تستحضر أدق لفتاته وسكناته: كان ممكناً أن يكون هنا، هذه الشابه ستستهويه، هذا القميص يليق به أكثر .”
“خلال الحرب مع إيران صارت أمي نموذجاً لبطلات الروايات العصيبة. أم العائلة العراقية في المحنة. لديها ولدان على الجبهة مع إيران، وولد وبنت على الجبهة اللبنانية. حائرة .. تتابع أخبار الحرب على جبهتين. وقد قررت " أميرة عبداللطيف الجزائري" أن تنام على الأرض الصلبة كما ينام ابنها في الخندق. المذياع الصغير كان رفيقها وصلتها في ابنائها. تعرف موقع ديزفول، وأين تقصف الطائرات الإيرانية، كما تعرف أين تقع منطقة الحدث في لبنان وخطوط التماس، وأين سقطت قذائف الهاون الكتائبية ومكان تفجير السيارة المفخخة. المعارك لاتهمها، ولا المنتصر أو الخاسر، ولاتقدم الجيوش ولاتراجعها، إنما تعرف القتيل بصورته وتقاطيعه واسمه، ومركز الخرائط هو ابنها الملتصق بخندقه الطيني. تنام بعين واحده وأذنها يقظة متنصتة إلي صوت كل سيارة تمر في الشارع، فيدق قلبها كلما تباطأت: سيدخل، أم سيدخلونه؟”
“إنهم أهلي.فقدنا اللغة ونحن نصرخ ويشد بعضنا بعضاًً. رأيت من وسط غشاء الدمع الجيران وقد خرجوا من الأبواب والسطوح على صوت الصراخ. مذهولاً أدخل البيت، أتصفح الوجوه وأعجب مما فعله الزمن، فقد كبرن الصبايا الصغيرات اللواتي تركتهن وأصبحن أمهات. وأصبح للشابات أحفاداً قدمنهم لي واحداً واحداً بعد أن تخطينا الشهقات الأولى.حتى تلك اللحظه كنت أؤجل حضور أمي وأبي وبقيت في الحديقة حتى لاتصدمني حقيقة انهما لم يعودا موجودين.لكن جارتنا أم حسن بكت:هذا هو اليوم الذي انتظرته أمك خمسة وعشرين عاماً. . .”
“لا شئ يحمينا في الحرب غير الجدران وهذه الجدران عدوتنا لأن القصف يستهدفها بالتحديد ولذلك صارت لنا ملجأ وقبر في الوقت نفسه”
“هذا زمن الاتفاق على كل شيء ولكنه ليس زماني فأنا كالخيزران ... أنحني ولا أنكسر.سأدافع عن حقدي وغضبي ودموعي بالأسنان والمخالب سأجوع عن كل فقير وسأسجن عن كل ثائر وأتوسل عن كل مظلوم وأهرب إلى الجبال عن كل مطارد وأنام في الشوارع عن كل غريب”
“ليس كل ثائر سياسي ولا كل سياسي ثائر...مش عيبه يعني لما تبقى ثائر ومتفهمش في السياسة..بس العيبه لما تبقى ثائر أو سياسي ومتفهمش ايه قيمة مصر”
“الجمال هبة الله فليس لأمرأة فيه عمل ؛ ولكن العجيب أن أكثر ما يكون عمل المرأة إنما يكون في إفساد هذه الموهبة ؛ كأن الجمال غريب حتى عن صاحبته : تفسدها بالجهل إذا كانت جاهلة ، وتفسدها بالعلم إذا كانت عالمة ، وتفسدها بلاشئ إن كانت هي لا شئ !”