“حين يتمحض الشر و يسفر الفساد و يقف الخير عاجزاً و الصلاح حسيراً؛ و يخشى من الفتنة بالبأس و الفتنة بالمال. عندئذ تتدخل يد القدرة سافرة متحدية، بلا ستار من الخلق، و لا سبب من قوى الأرض، لتضع حداً للشر و الفساد.*إنه حين كان بنو إسرائئيل يؤدون ضريبة الذل لفرعون و هو يقتل أبناءهم و يستحيي نساءهم لم تتدخل يد القدرة لإدارة المعركة. فهم لم يكونوا يؤدون هذه الضريبة إلا ذلاً و استكانة و خوفاً. فأما حين استعلن الإيمان في قلوب الذين آمنوا بموسى و استعدوا لاحتمال التعذيب، و هم مرفوعو الرؤوس يجهرون بكلمة الإيمان في وجه فرعون دون تلجلج، و دون تحرج، و دون اتقاء التعذيب. فأما عند ذلك فقد تدخلت يد القدرة لإدارة المعركة، و إعلان النصر الذي تم قبل ذلك في الأرواح و القلوب.و الذي قلته هنا أصح، بشهادة سياق القصة في هذه السورة. و إن كان لما قلت في سورة طه مكانه بتغيير في العبارة. فإن يد القدرة تدخلت منذ أول الأمر لإدارة المعركة. و لكن النصر النهائي لم يتم تمامه إلا بعد استعلان الإيمان في القلوب الذين آمنوا بموسى بعد رسالته، و جهروا بكلمة الحق في وجه الطغيان العاتي المتجبر.”

سيد قطب

سيد قطب - “حين يتمحض الشر و يسفر الفساد و يقف الخير...” 1

Similar quotes

“إنه حين كان بنو إسرائيل يؤدون ضريبة الذل لفرعون و هو يقتل أبناءهم و يستحيي نساءهم لم تتدخل يد القدرة لإدارة المعركة. فهم لم يكونوا يؤدون هذه الضريبة إلا ذلاً و استكانة و خوفاً. فأما حين استعلن الإيمان، في قلوب الذين آمنوا بموسى و استعدوا لاحتمال التعذيب و هم مرفوعو الرؤوس يجهرون بكلمة الإيمان في وجه فرعون دون تلجلج و دون تحرج، و دون اتقاء للتعذيب. فأما عند ذلك فقد تدخلت يد القدرة لإدارة المعركة. و إعلان النصر الذي تم قبل ذلك في الأرواح و القلوب..”

سيد قطب
Read more

“لقد تولت يد القدرة إدارة المعركة بين الإيمان و الطغيان فلم يتكلف أصحاب الإيمان فيها شيئاً سوى اتباع الوحي و السرى ليلاً. ذلك أن القوتين لم تكونا متكافئتين و لا متقاربتين في عالم الواقع.. موسى و قومه ضعاف مجردون من القوة، و فرعون و جنده يملكون القوة كلها. فلا سبيل إلى خوض معركة مادية أصلاً. هنا تولت يد القدرة إدارة المعركة. و لكن بعد أن اكتملت حقيقة الإيمان في نفوس الذين لا يملكون قوة سواها. بعد أن استعلن الإيمان في وجه الطغيان لا يخشاه و لا يرجوه؛ لا يرهب وعيده و لا يرغب في شيء مما في يده..يقول الطغيان: (فلأقطعن أيدكم و أرجلكم من خلاف و لأصلبنكم في جذوع النخل) فيقول الإيمان: (فاقض ماأنت قاض. إنما تقضي هذه الحياة الدنيا).. عندما بلغت المعركة بين الإيمان و الطغيان في عالم القلب إلى هذا الحد تولت يد القدرة راية الحق لترفعها عالية، و تنكس راية الباطل بلا جهد من أهل الإيمان.”

سيد قطب
Read more

“الشر حين يتمحض يحمل سبب هلاكه في ذاته؛ و البغي حين يتمرد لا يحتاج إلى من يدفعه من البشر؛ بل تتدخل يد القدرة و تأخذ بيد المستضعفين المعتدى عليهم، فتنقذهم و تستنقذ عناصر الخير فيهم، و تربيهم، و تجعلهم أئمة، و تجعلهم الوارثين.”

سيد قطب
Read more

“إنه مشهد انتصار الحق و الإيمان في واقع الحياة المشهود، بعد انتصارهما في عالم الفكرة و العقيدة. فلقد مضى السياق بانتصار آية العصا على السحر؛ و انتصار العقيدة في قلوب السحرة على الاحتراف؛ و انتصار الإيمان في قلوبهم على الرغب و الرهب، و التهديد و الوعيد. فالآن ينتصر الحق على الباطل و الهدى على الضلال، و الإيمان على الطغيان في الواقع المشهود. و النصر الأخير مرتبط بالنصر الأول. فما يتحقق النصر في عالم الواقع إلا بعد تمامه في عالم الضمير؛ و ما يستعلي أصحاب الحق في الظاهر إلا بعد أن يستعلوا بالحق في الباطن.. إن للحق و الإيمان حقيقة متى تجسمت في المشاعر أخذت طريقها فاستعلنت ليراها الناس في صورتها الواقعية. فأما إذا ظل الإيمان مظهراً لم يتجسم في القلب، و الحق شعاراً لا ينبع من الضمير، فإن الطغيان و الباطل قد يغلبان، لأنهما يملكان قوة ماذية حقيقية لا مقابل لها و لا كفاء في مظهر الحق و الإيمان..يجب أن تتحقق حقيقة الإيمان في النفس و حقيقة الحق في القلب؛ فتصبحا أقوى من حقيقة القوى المادية التي يستعلي بها الباطل و يصول بها الطغيان..”

سيد قطب
Read more

“و حين تجول العين و القلب في مصارع القرون. و حين تطالع العين آثارهم و مساكنهم عن كثب، و حين يتملى الخيال الدور و قد خلت من أهلها الأول؛ و يتصور شخوصهم الذاهبة، و أشباحهم الهاربة، و حركاتهم و سكناتهم، و خواطرهم و أحلامهم، و همومهم و آمالهم.. حين يتأمل هذا الحشد من الأشباح و الصور و الانفعالات و المشاعر.. ثم يفتح عينه فلا يرى من ذلك كله شيئاً إلا الفراغ و الخواء.. عندئذ يستيقظ للهوة التي تفغر فاها لتبتلع الحاضر كما ابتلعت الغابر. و عندئذ يدرك يد القدرة التي أخذت القرون الأولى و هي قادرة على أن تأخذ ما يليها. و عندئذ يعي معنى الإنذار، و العبرة أمامه معروضة للأنظار. فما لهؤلاء القوم لا يهتدون و في مصارع القرون ما يهدي أولى الألباب؟”

سيد قطب
Read more